[صالح عليه السلام]
ـ[أبوشادي الصوري]ــــــــ[27 - 02 - 2007, 04:13 م]ـ
صالح u
رغت الناقة وصاح جبريل قال تعالى: {إنا مرسلو الناقة فتنة لهم فارتقبهم واصطبر * ونبّئهم أن الماء قسمة
بينهم, كلّ شرب محتضر * فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر * فكيف كان عذابي ونذر * إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتضر} 0
المعجزة: إن الله سبحانه وتعالى عندما يؤيد رسله وأنبياءه بالمعجزات فانه لا يتحدى بها فردا واحدا, ولكنه يتحدى أمة بأكملها, انه يطلب منهم أن يستعين بعضهم ببعض إن استطاعوا, ولن يستطيعوا. وحتى لا يقول الكفار: لقد جاء نبي يدعو الرسالة بشيء لم نتقنه ونبغ فيه, ولو تعلمناه لجئنا بمثل هذه المعجزة, جاءهم بشيء تعلموه بل ونبغوا فيه واشتهروا بفعله, ثم بعد ذلك تحداهم به, لكنهم يعجزون!! و معنى التحدي هو إثارة حماس القوى المعارضة لتفعل والقوى المعارضة هي الكفار, أو غير المؤمنين. لقد تحدّاهم علنا, لتهيج نفوسهم أمام الناس, ويحاولوا قدر طاقاتهم أن يأتوا بمثل المعجزة ويحشدوا لها طاقاتهم, بل ويجنّدوا لها للرد عليها, ولكنهم مع كل ذلك, ورغم كل ذلك يعجزون. وإذا كان صالح u قد احتاج من الله عز وجلّ معجزة, كي يعزز دعوته ورسالته بالحجة التي لا ترد فإننا يجب أن نعرف معنى المعجزة وما هي المعجزة؟ (ومعنى المعجزة أن يأتي الله سبحانه وتعالى على يد رسول من البشر بأمر خارق ليثبت بها صدق بلاغ هذا الرسول عن الله عز وجل, فكان الرسول يقول: أنا لم أعرف بينكم بما نبغتم فيه, ولكني أتيت بشيء لا تقدرون عليه. وأنا أتحداكم أن تجتمعوا جميعا وتستعينوا بعضكم ببعض .. ولن تقدروا على الإتيان بهذه المعجزة. و هذا دليل صدقي في التبليغ عن الله .. إن أعوزكم الدليل, وكنتم في شك مما أقول). نعود إلى صالح u الذي أرسله الله تعالى إلى قوم ثمود, وثمود قبيلة كبيرة كانت تعبد الأصنام, فأرسل الله سيدنا صالحا إليهم, وقال صالح لقومه: {يا قوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره}. قال لهم صالح نفس الكلمة التي يقولها كل نبي لقومه, هي لا تتغيّر ولا تتبدّل {اعبدوا الله ما لكم من اله غيره} , وكانت دعوة صالح u مفاجأة لهم, لأنه يتهم آلهتهم ويقول أنها بلا قيمة, وهو ينهاهم عن عبادتها ويأمرهم بعبادة الله وحده, وأحدثت دعوته هزة كبيرة في مجتمعهم وكان صالح معروفا بينهم بالحكمة والنقاء والخير, فكان يحظى باحترامهم جميعا قبل أن يوحي الله إليه ويرسله بالدعوة إليهم. ولذلك فانهم توجهوا إليه بالحديث فقالوا: {قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوّا قبل هذا, أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا و إننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب} 0لقد استنكروا على صالح أن يقول هذا, وقالوا: هذا الرجل الذي كان لنا رجاء حسنا فيه لعلمه وعقله وصدقه وحسن تدبيره, يصدر منه مثل هذا الكلام, أيعقل هذا؟ لقد خاب رجاؤنا فيك يا صالح .. أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا؟ وظلوا يستنكرون ما هو حق وواجب, ويدهشون أن يدعوهم أخوهم صالح إلى عبادة الله وحده. لم تكن لديهم حجج ولا براهين في الرد على صالح, سوى هذا التفكير وهذه الكلمات, فقط هم غاضبون ومندهشون لأن الآلهة التي يريد أن يبعدهم عنها صالح كان آباؤهم وأجدادهم يعبدونها!! حطم صالح عليه السلام جدار الجهل الذي يستظلون به وحطم العادات المهلكة والتقاليد البالية التي سيطرت على عقولهم عن التفكير نهائيا فما إن أثار صالح عليه السلام حركة هذه العقول لتفكر, وتتدبر أمرا بّينا واضحا, ما إن فعل هذا حتى استشاط غضبهم, واختلطت الحيرة بالغضب واليأس والطيش, فصاروا لا يدركون ما يقولون, لأنهم أمام خيارين إما تتفتح عقولهم وتقبل ما يقوله صالح عليه السلام أو يتركوا هذه العقول تتحجر وتقف عند أفكار السابقين وخرافاتهم, وأوهام العادات والتقاليد المستقرّة في رؤوسهم حتى أنه تمكّنت لدرجة الجهل المطبق. وكانت دعوة صالح لهم واضحة وضوح الشمس, فهي دعوة التوحيد في صميمها, وهي إعلان مباشر بحرية العقل وحرية التفكير وحرية الاختيار فهذه الحجج بين أيديهم الله واحد, خالق كل شيء, لا شريك له وهو النافع وهو الرازق وهو الرحيم_ أمام حجر لا ينفع ولا يضر من صنع من يعبدونه, وهو من خلق الله سبحانه عز وجلّ. وقد ساق صالح عليه السلام حججا يعيشونها فقال لهم: {اعبدوا الله ما لكم من اله غيره} 0 ثم ذكرهم
¥