تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[حياة الإدريسي]

ـ[طالبة العلم -هدى-]ــــــــ[26 - 01 - 2007, 09:47 م]ـ

هو عبد الله محمد الحسني من نسل الأدارسة الحموديين المعروف بالشريف الإدريسي، ولد في مدينة سبتة المغربية، ونشأ وأخذ علومه في قرطبة الأندلسية، لذا يسمى أحيانا بالقرطبي، وعاش أواخر أيامه في مدينة سبتة وتوفي فيها.

يعتبر الإدريسي من أكبر الجغرافيين والرحالة العرب، كما له مؤلفات في التاريخ والأدب وعلم النبات والفلك والشعر، قضى معظم حياته متجولاً ما بين بلدان آسيا وأوروبا وإفريقيا، إلى أن استقرّ أخيرا في بلاط ملك صقلية روجر الثاني النورماني الذي قرَّبه من بلاطه كثيراً وطلب منه أن يؤلّف كتاباً في جغرافيا العالم، وبعد خمسة عشر عاماً من العمل الدؤوب أبصر الكتاب النور وسمَّاه "نزهة المشتاق في اختراق الآفاق"، فخرج هذا الكتاب كموسوعة جغرافية قيّمة بقيت المصدر الأول لعلماء أوروبا والشرق لأكثر من ثلاثة قرون، ولأهمية هذه الموسوعة كانت من أوائل الكتب العربية التي عرفت الطباعة، وبقيت تطبع وتنشر كاملة بالعربية واللاتينية والفرنسية والألمانية والإسبانية والإيطالية والإنكليزية حتى عام 1957، وذكر سيبولد أنه أجرى طباعة أجزاء منها، فيقول: نشرتُ أقساماً من هذه الموسوعة مع 71 خريطة، وطبع دوزي القسم المختص بالمغرب والسودان ومصر والأندلس عام 1864 في ليدن وطبع روزون ملر وصف الشام وفلسطين في ليبسك عام 1928، وطبع أماري وغيره القسم المتعلِّق بإيطاليا عام 1885 في روما، وطبع كوندي الأصل العربي مع الترجمة الإسبانية للأقسام التي تخص جغرافية الأندلس سنة 1799 في مدريد، ويصف سيبولد الموسوعة قائلاً: إنها مبنية على الأصول العلمية والحقائق الفنية الثابتة لذلك العهد والتي لا تختلف كثيراً عمَّا هو ثابت في عهدنا هذا….

تميَّز الإدريسي بدقة حسابه لأطوال وعروض البلاد المختلفة، فلم يكتفِ بما اتفق عليه العلماء بل لجأ إلى أساليب جديدة ليتحقق من صحة المعلومات ودقتها، لهذا استعمل ما أسماه "لوح الترسيم"، ويصف سيبولد هذا اللوح بقوله: هو لا شك تصميم جغرافي للكرة الأرضية، وبعبارة أدق هو مشروع خريطة العالم التي وضعها الإدريسي فيما بعد، لقد وضع عليها مواقع البلدان المختلفة بواسطة بركار خاص بناء على المعلومات التي جمعها، ومحققاً بعناية فائقة المواقع المذكورة واقفاً على حقيقة بعض المعلومات المتضاربة، وهذا هو الإنجاز العظيم الذي أدخله الإدريسي على خريطة العالم، فجعلها تقرب من وضعها العلمي الصحيح التي هي عليه الآن.

أراد الإدرسي أن يُخلِّد هذه الخريطة لتكون بمنأى عن عوامل التلف، لهذا طلب من الملك روجر أن يضع تحت تصرفه دائرة ضخمة من الفضة الخالصة، موضحاً طلبه بأنها: " .. عظيمة الجرم، ضخمة الجسم"، وكانت بوزن 400 رطل من الفضة، وعند اكتمالها أمر العمال أن ينقشوا عليها صور الأقاليم السبعة، ببلادها وأقطارها ريفها ومواقع أنهارها وبحارها وخلجانها وما بين كلّ بلدين منها وبين غيرها من الطرقات المطروقة والأميال المحدودة والمسافات المشهودة والمراسي المعروفة، على نص ما يخرج إليهم ممثلاً في لوح الترسيم ولا يغادروا منه شيئاً ويأتوا به على هيئته وشكله كما يرسم لهم فيه….

انصرف الإدريسي بعدما أنجز هذا العمل إلى العمل في كتابه "نزهة المشتاق في اختراق الآفاق"، الذي كان بمثابة التفسير والشرح لخريطة العالم الجديدة، تصف زيغريد هونكه بكتابها "شمس العرب تشرق على الغرب" هذا الكتاب فتقول: يحوي كتاب الإدريسي وصفاً كاملاً للمدن والبلاد موضحاً طبيعتها وثقافتها والنشاط البشري فيها، ذاكراً بحارها وجبالها وأنهارها وسهولها وأوديتها، كما يتحدث عن الفواكه والحبوب والنباتات التي تنمو في تلك البلدان، وكذلك الفنون والصناعات التي يتقنها أبناء كل إقليم، ويتكلم عن الصادرات والواردات والحالة المعيشية للشعوب والعادات والتقاليد والملابس واللغات المنتشرة بينهم، وتتابع العالمة الألمانية وصفها لأعمال الإدريسي فتقول: إذا كان بطليموس قد أخطأ في رسوماته ببضع درجات، فإن العرب لم يتجاوزوا الواقع الصحيح بدقيقة أو دقيقتين، ونجد أن الإدريسي قد وحّد الاتجاهين وربط بين الجغرافيا الوصفية والجغرافيا الرياضية الفلكية.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير