تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[قرأت لك: لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس]

ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[30 - 01 - 2007, 02:43 م]ـ

الدكتور منصور العبادي

جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية

نعتقد نحن المسلمون أنه لا حدود لعلم الله وقدرته وعلى هذا فإنه لا فرق عند الله سبحانه وتعالى بين خلق الأشياء البسيطة أو المعقدة أو بين الأشياء الصغيرة والكبيرة فهو كما وصف نفسه في قوله سبحانه "وما كان الله ليعجزه من شيء في السموات ولا في الأرض إنه كان عليماً قديرا" فاطر 44. وإذا ما ذكر الله سبحانه وتعالى أن خلق شيء ما أهون عليه من خلق شيء آخر فإنما هو توضيح للناس عن مدى التعقيد الموجود في طريقة خلق تلك الأشياء. فعندما أخبر سبحانه وتعالى زكريا عليه السلام أن ولادة إبنه يحيى عليه السلام من إمرأته العاقر أمر هين عليه سبحانه فإنما يوضح له أن خلق الحي من الحي أبسط من خلق الحي من الميت وذلك في قوله تعالى "قال كذلك قال ربك هو علي هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا" مريم 9.

وكذلك فإن إعادة خلق الأشياء أبسط من خلقها في أول مرة لقوله تعالى "وهو الذي يبدؤا الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم" الروم 27.

والله سبحانه وتعالى المنزه عن التشبيه لا يحتاج أن يتفكر ولا أن يتذكر ولا أن يتحرك إذا ما أراد أن يخلق شيئاً من الأشياء صغر هذا الشيء أم كبر كما جاء وصف ذلك في قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه في نهح البلاغة "أنشأ الخلق إنشاء، وابتدأه ابتداء، بلا روية أجالها، ولا تجربة استفادها، ولا حركة أحدثها، ولا همامة نفس اضطرب فيها، أحال الأشياء لأوقاتها، ولأم بين مختلفاتها، وغرز غرائزها، وألزمها أشباحها، عالما بها قبل ابتدائها، محيطاً بحدودهاً وانتهائها، عارفاً بقرائنها وأحنائها".

وإذا ما أراد الله سبحانه أن يخلق شيئا من الأشياء فإن ذلك سيتم بمجرد قوله لذلك الشيء كن فيكون وذلك دون حركة يحدثها أو همامة نفس يضطرب فيها مصداقا لقوله تعالى "إنّما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون" يس 82.

وإذا ما حدث وأن خلق الله شيئا ما على مدى فترة محددة من الزمن فليس لعجز فيه سبحانه ولا لأن تصنيع ذلك الشيء يتطلب تلك الفترة من الزمن بل لأن الله سبحانه أراد أن يخلق ذلك الشيء على هذه الصورة وعلى مدى تلك الفترة من الزمن لحكمة أرادها. فالله قادر على خلق السموات والأرض في لحظة واحدة ولكنه خلقهما من الدخان على مدى يومين من أيامه التي لا يعلم طولها إلا هو سبحانه وهو قادر سيحانه على تجهيز الأرض الأولية لتكون صالحة لظهور الحياة عليها في طرفة عين ولكن حكمته اقتضت أن يجهزها على مدى أربعة أيام وهو قادر كذلك على خلق أدم عليه السلام من التراب بقوله له كن فيكون ولكن لحكمة أرادها خلقة على مراحل متعددة كمراحل الطين اللازب والحمأ المسنون والصلصال وسلالة الطين.

ومن السهل علينا اليوم إدراك هذه الحكمة حيث أننا نعيش في عصر فتح الله فيه على البشر جميع أبواب العلم والمعرفة وتمكنوا من استخدامها في كشف كثير من أسرار مخلوقات هذا الكون. فالبشر بما وهبهم الله من عقول يمكنهم التعرف على مدى علم الصانع من خلال دراسة تركيب المصنوع فصانع الطائرة لا بد أنه أعلم من صانع السيارة وهذا بدوره أعلم من صانع العربة التي تجرها الخيول. وقياساً على ذلك فإنه بإمكان البشر الاستدلال على مدى علم الله وقدرته من خلال دراسة ما في هذا الكون من مخلوقات لا حصر لأعدادها والتي فيها من الإبداع والإتقان ما يثبت أن الذي خلقها لا حدود لعلمه وقدرته. ولهذا السبب نجد أن الله قد دعا البشر في القرآن الكريم إلى دراسة هذه المخلوقات وكشف أسرار تصنيعها لعل ذلك يقودهم إلى معرفة أن لها صانعا لا حدود لعلمه وقدرته فقال عز من قائل "إنّ في السموات والأرض لآيات للمؤمنين وفي خلقكم وما يبثّ من دآبّة ءايات لقوم يوقنون واختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون تلك آيات الله نتلوها عليك بالحقّ فبأي حديث بعد الله وءاياته يؤمنون" الجاثية 3 - 6.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير