[فشل كبدي حاد لامرأة سعودية استخدمت أعشابا سامة]
ـ[أبو أحمد العجمي]ــــــــ[28 - 02 - 2007, 07:44 ص]ـ
استقبل مركز الكبد بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية للحرس الوطني بالرياض مؤخرا امرأة سعودية سبعينية كانت قد أجرت عملية سابقة لبتر إحدى رجليها من اسفل الركبة بسبب مرض السكر والغرغرينا ونتج عن ذلك التهاب بكتيري جرثومي مكان البتر مما دعا المريضة حسب أقوالها إلى استخدام المرة والصن وذلك منعا (للشمم) أو التهاب الجرح. وقد حصلت هذه السيدة على هذه المواد من محلات للعطارة بمنطقة الرياض وقامت باستخدام جرام واحد من المرة مذابة بلتر ماء وكذلك الصن ما يقارب خمسة جرامات مذابة في لتر من الماء، وحسب أقوالها فإنها كانت تقوم بشرب كاس من كل منهما عدة مرات في اليوم ولمدة شهرين متواصلين. كما كانت منتظمة بحقن الانسلوين وهو الدواء الوحيد الذي كانت تستخدمه مما سبب لها بعد استخدامها لهذه الأعشاب، كل هذه الفترة، التعب والصفار والوهن وحضرت إلى مركز الإسعاف والطوارئ بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية للحرس الوطني.
وقد تبين بعد التحاليل التي عملت لها بالمدينة الطبية أنها تعاني من حالة فشل كبدي حاد والتهاب في مكان جرح البتر وعدم وجود فيروسات أو أمراض كبد أخرى تبرر هذا الفشل الحاد وكانت إنزيمات الكبد لهذه المريضة طبيعية جدا في السابق، وقد تجاوز مستوى هذه الأنزيمات 4700 (الطبيعي اقل من 40) مع وجود سيولة عالية في الدم ونقص في بروتين الألبومين مما استدعى إدخالها إلى وحدة أمراض الكبد تحت إشراف الدكتور إبراهيم بن حمد الطرّيف استشاري أمراض الكبد.
وقد تم عمل خزعة من الكبد لها عن طريق وريد الرقبة وذلك بسبب سيولة الدم العالية لديها واتضح أن لديها اكثر من 50% من خلايا الكبد قد دمرت تماما مما أدى إلى فشل حاد للكبد، هذا وقد عولجت المريضة وذلك بإيقاف استخدامها لهذه الأعشاب وعلاج الفشل الكبدي لديها، وقد تجاوزت ولله الحمد هذه المريضة أزمتها الصحية كما تم علاج التهاب الجرح بمضادات للجراثيم مناسبة عن طريق الوريد وغادرت المستشفى خلال عشرة أيام وهي بحالة صحية جيدة بعد شفاء التهاب الجرح وتحسن وظائف الكبد لديها.
وقد تم عمل التحاليل على هذه الأعشاب التي كانت تستخدمها هذه المريضة وذلك في مركز السموم بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض وتبين من التحاليل التي اشرف عليها الدكتور محمد عبدالله الطفيل مشكورا أن هذه الأعشاب كانت السبب الوحيد لفشل كبد هذه المرأة لاحتوائها على مواد كيميائية سامة للكبد من فصيلة الفينولات تسمى (ب كريسول) وأيضا احتوائها على كميات كبيرة جدا من (الرصاص والزرنيخ) والتي هي سامة أيضا، كما أفاد التقرير بأن هذه الأعشاب الطبيعية غير صالحة البتة للاستخدام الآدمي.
هذا وقد راجعت المريضة عيادة الكبد بعد عدة أسابيع من خروجها وهي في حالة صحية مستقرة وتبين أن جميع تحاليل الكبد لهذه المريضة عادت إلى وضعها الطبيعي ولله الحمد وقد أخذت المريضة وعدا على نفسها بان لا تعاود استخدام هذه الأعشاب أو غيرها لأغراض طبية.
وحول استخدامات الأعشاب الطبيعية ودرجة خطورتها قال الدكتور إبراهيم بن حمد الطرّيف استشاري أمراض وزراعة الكبد في مدينة الملك عبدالعزيز الطبية: أن استخدام الأعشاب الطبيعية لأغراض طبية هو مشكلة كبيرة نشاهدها بشكل شبه يومي لدى مرضى الكبد، وان الكثير من هذه الحالات لايتم اكتشافها ولكنه مع الأسف يؤدي إلي اعتلالات مرضية وإلى بعض الوفيات، لذا يجب تكاتف المواطنين وجميع الجهات المسؤولة بمنع هذه الممارسات الخاطئة التي يذهب ضحيتها بعض من مستخدميها، وذلك بغرض الاتجار بحياة المرضى وبيعهم حفنة من الأعشاب قيمتها عدة ريالات بمبالغ خيالية نظرا لأنها لأغراض طبية، وأضاف انه ليس ضد الطب البديل ولكنه بحاجة إلى عمل ضوابط وتقنين له، وقال الدكتور إبراهيم الطريف: انه إذا تم إنتاج هذه الأعشاب عن طريق شركات عالمية ووضع عليها تاريخ الإنتاج والانتهاء وتم حفظها في أماكن آمنة من الرطوبة والحرارة ومنع تجرثمها وكتابة مركباتها الكيميائية وجرعاتها واستخداماتها ومضاعفاتها الجانبية المحتملة ومن هم الأشخاص الذين يجب أن يستخدموها وبأي جرعات ..... الخ. وذلك بعد ثبوت فعالية هذه المركبات علميا (بالضبط كما هي الحال بالنسبة للعقاقير الطبية) فهنا ربما يكون الاستخدام الأكثر أمنا وربما يعود على المريض بالفائدة لا المضرة.
من هذه الحالة يتضح جليا أن ارتباط هذه الأعشاب بتدمير الكبد قد اثبت علميا وبدون أدنى شك، ورغم استخدام هذه الأعشاب لمدة طويلة (ربما كانت المدة الزمنية من أهم الأسباب للتأثير على الكبد) لم تؤدِ الغرض الذي استخدمت من اجله (منع الشمم أو شفاء التهاب الجرح لدى المريضة) بل أدى إلى تدمير كبد المريضة لولا لطف الله.
مع العلم بأن بعض هذه الأعشاب الطبيعية غير صالحة للاستخدام الآدمي بتاتا رغم بيعها في محلات العطارة، كما أن هذه الأعشاب الطبيعية قد تمثل خطرا كبيرا على من يتناولها، لذا لابد من الحذر من استخدام هذه الأعشاب أو غيرها.
وناشد الدكتور الطريف الجميع بالتضافر ضد هذه المزاولات الخاطئة والخطيرة التي تكلف الأرواح والأموال وألا ينخدع البعض ببعض الكلمات الجذابة مثل (أعشاب طبيعية ليس لها أعراض جانبية، وخالي من المركبات الكيميائية ... الخ) .. والواقع أن جميع الأعشاب الطبية تحتوي على مواد كيماوية منها المفيد بجرعات محددة ومنها ماهو مضر ... وان ما تقوم به شركات الأدوية هو استحضار المادة الدوائية الفعالة من المركبات وابعاد الشوائب والمواد الضارة الأخرى منها. كما أن الكثير من الأدوية الحديثة قد استخلص أصلا من بعض الأعشاب الطبيعية.