[الرياض المستطابة في فضائل الصحابة]
ـ[ابن عيبان العبدلي]ــــــــ[05 - 02 - 2007, 09:55 م]ـ
[الرياض المستطابة في فضائل الصحابة]
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمنَ المَعْلُومً أَنَّ لأَصْحَابً رَسُولً الله صلى الله عليه وسلم مَنْزًلَةً رَفًيعَةً عًنْدَ اللهً عز وجل وعندَ رَسُولًهً صلى
الله عليه وسلم وعندَ المؤمًنًينَ، وَقَدْ أَثْنَى اللهُ عليهم في مُحْكَمً كًتَابًهً وأخبرَ عَنْ رًضَاهُ عَنْهُم، وَرًضَاهُمْ عَنْهُ
فمن ذلك قوله تعالى: - (وَالسَّابًقُونَ الأَوَّلُونَ مًنَ المُهَاجًرًينَ وَالأَنْصَارً وَالَّذًينَ اتَّبَعُوهُمْ بًإًحْسَان رَضًيَ اللهُ
عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّات تَجْرًي مًنْ تَحْتًهَا الأَنْهَارُ خَالًدًينَ فًيهَا أَبَداً ذَلًكَ الفَوْزُ العَظًيمُ) - ومعلوم أنَّ
رًضوانَ الله غايةُ المَطَالبً التي لا تُنالُ إلاَّ بأفضَلً الأعمال.
وقال سبحانه: - (لَقَدْ رَضًيَ اللهُ عَنً المُؤْمًنًينَ إًذْ يُبَايًعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةً فَعَلًمَ مَا في قُلُوبًهًمْ فَأَنْزَلَ السَّكًينَةَ
عَلَيْهًمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرًيباً) فَكُلُّ مَنْ رَضًيَ الله عنهُ فَإًنَّهُ مًنْ أَهلً الجَنَّةً.
وقَدْ جَاءَ في «صَحًيح البُخَارًيًّ» عن البَرَاءً بن عَازًب رضي الله عنه أَنَّهم كانوا أكثرَ مًنْ أَلْفي وأربَعًمائة.
وقد قال صلى الله عليه وسلم فيهم: »لا يدخلُ النَّارَ مًنْ أَصْحَابً الشَّجَرَةً أَحَدُ الذينَ بَايَعُوا تَحْتَهَا» [رواه
مسلم]. وأخبر أنه تاب عليهم فقال سبحانه: - (لَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَى النَّبًيًّ وَالمُهَاجًرًينَ وَالأَنْصَارً الَّذًينَ اتَّبَعُوهُ
في سَاعَةً العُسْرَةً) -.
وقال: - (وَكَذَلًكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لًتَكُونُوا شُهَدَاءَ على النَّاسً ويَكُونَ الرَّسُولُ علَيْكُمْ شَهًيداً) - وهذا
الخًطابُ لجميع الأمة الإسلاميَّةً مًن أوَّلها إلى قيام الساعة، فَيَدْخُل فيه الصحابة قبلَ بقًيَّةً الأُمة. وقوله
تعالى: - وَسَطاً - أي: عُدُولاً خًيَاراً، وخيرُ الأمور أوسَطُها، فَهُمْ خيرُ الأُمَمً وأعدلُها في أقوالهم وأعمالهم
وإراداتهم ونًيَّاتًهم، وبهذا استَحقّوا أن يكونوا شُهدَاء للرُّسلً على أُمَمهم يومَ القيامةً، والله يقبلُ شهادتهم
عليهم، فهم شُهَداؤُهُ، ولهذا نَوَّهَ بهم ورَفعَ ذًكرَهم وأثنى عليهم » لأنَّهُ - تعالى - لَمَّا اتخَذَهم شُهداء أعلمَ
خلقه من الملائكة وغيرهم بًحالً هؤلاء الشُّهَدَاء، وأَمَرَ الملائكةَ أنْ تُصَلًّي عليهم وتدْعو لهم وتستغفر لهم،
والشاهدُ المقبول عندَ الله هو الذي يَشْهَدُ بًعًلْم وصًدْق فَيُخْبًرُ بالحَقًّ مُسْتَنًداً إلى عًلمهً به كما قال تعالى: -
(إًلاَّ مَنْ شَهًدَ بالحَقًّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) -.
وقال فيهم: (الذينَ اسْتَجَابوا للهً والرَّسُولً مًنْ بعدً مَا أَصَابَهُمُ القَرْحُ للَّذًينَ أَحْسَنُوا مًنْهُم واَّتَّقَوْا أَجْر عَظًيم
* الذينَ قالَ لَهُمْ النَّاسُ إنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادهم إًيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ ونًعْمَ الوكيلُ) -
اشتَمَلَتْ هذه الآية على مَدْح عظًيم للصحابة: بًقُوَّةً الإيمان، والصَّبْرً على البَلاءً، وتَفْويضً الأُمُورً إلى
الله مَعَ الشَّجَاعَةً.
وامْتَنَّ الله على نبيًّه صلى الله عليه وسلم بهؤلاء الأتقياء فقال: - (هوَ الَّذًي أيَّدَكَ بًنَصْرًهً وبالمُؤْمًنين) -.
وقال الله عزوجل: (يُبَشًّرُهُمْ رَبُّهُمْ بًرَحْمَة مًنْهُ ورًضْوَان وَجَنَّات لهُمْ فيها نَعيم مُقيم * خَالًدًينَ فًيهَا
أَبَداً إنَّ اللهَ عًنْدَهُ أجْر عَظًيم) - وهذه كُلّها وُعُود مًن الله لهم: - (ومَنْ أصْدَقُ مًنَ الله قًيلاً) -. والآياتُ في
الثَّنَاءً عليهم كثيرة جداً، في وصْفًهًم بالإيمان، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والعدالة، وتَفْضًيلًهًم على
سائر الأمم ... ، ويَكْفًي لمن يُؤمًنُ بالله واليوم الآخًرً آية مًمَّا ذَكَرْنَا.
وفضائلهم كثيرة، ومناقًبُهم غزيرة، ومآثرهم شهيرة، وهي كالشمس في رابعة النهار، وأَمَّا ما وردَ مًنَ
¥