[قصة بغداد]
ـ[عبد القادر علي الحمدو]ــــــــ[11 - 02 - 2007, 11:21 م]ـ
قالوا وَلَم يلعبِ الزَمان بِبَغ داد وَتعثُر بِها عَواثرُها
إِذ هيَ مثل العَروس باطِنُها مشوّق لِلفَتى وَظاهرها
جَنّةُ خلد وَدار مَغبَطةٍ قلّ مِن النائِبات واترها
دَرّتُ خلوفُ الدنيا لِساكِنها وَقَلَّ معسورها وَعاسرها
واِنفرجت بالنَعيم واِنتَجعت فيها بِلَذَّاتها حواضرها
فالقَومُ منها في روضة أُنفٍ أَشرق غِبَّ القِطار زاهرُها
من غَرَّهُ العَيش في بُلَهنيةٍ لَو أَنَّ دنيا يَدوم عامرها
دارُ مُلوك رست قواعدها فيها وَقَرَّت بِها مَنابرها
أَهل العُلا وَالنَدى وَأَندِيَة ال فخر إِذا عددت مَفاخِرها
أَفراخُ نعمى في ارث مملكة شدّ عراها لَها أَكابرها
فَلَم يَزَل وَالزَمان ذو غَيرٍ يَقدح في ملكها أَصاغرها
حَتّى تَساقَت كأساً مثمِّلَةً مِن فتنة لا يُقالُ عاثِرها
واِفتَرَقَت بعد أُلفة شيِعاً مَقطوعَةً بَينَها أَواصرها
ياهل رأيت الأَملاكَ ما صنعت إِذ لَم يَرعُها بالنصح زاجرها
أَورد أملاكُنا نفوسَهُم هُوَّةَ غيّ أَعيَت مَصادِرُها
ما ضَرَّها لَو وفت بموثقها واِستَحكَمَت في التُقى بَصائِرُها
وَلَم تسافك دِماء شيعَتِها وَتبتَعِث فتية تكابرها
وَأَقنعَتها الدُنيا التي جمعت لَها وَرُعبُ النُفوس ضائِرها
ما زال حوض الأَملاك يحفِره مسجورها بالهَوى وَساجِرها
تَبغي فُضول الدُنيا مكاثرةً حَتّى أُبيحَت كَرهاً ذَخائرها
تَبيع ما جمع الأبوّة لل أَبناء لا أُربحت متاجرها
يا هَل رأَيت الجِنانَ زاهِرَةً يَروق عَين البَصير زاهرها
وَهَل رَأَيت القُصور شارِعَةً تَكُنّ مثل الدُمى مقاصرها
وَهَل رأَيت القُرى الَّتي غرس ال أَملاكُ مخضرّةً دساكرها
مَحفوفَةً بالكروم وَالنخل وَالرَي حان ما يَستَقِلّ طائِرها
فانها أَصبحَت خَلايا من ال إِنسان قَد أُدميت مَحاجرها
قَفراً خَلاءً تَعوى الكِلاب بِها ينكر منها الرسوم زائِرها
وَأَصبَحَ البؤس ما يُفارِقُها إِلفا لَها وَالسُرور هاجرها
بزندوردَ وَالياسِريَّةِ وَالشط طَينِ حَيث اِنتهَت مَعابرها
وَبِالرَحى وَالخَيزَرانيَّة ال عَليا إِلي أَشرفت قَناطِرها
وَقَصر عَبدُوَيه عِبرَةٌ وَهُدىً لِكُلِّ نفس زكت سَرائرُها
فَأَينَ حُرّاسُها وَحارِسها وَأَينَ مجبورها وَجابِرُها
بالمسك وَالعَنبَر اليَمانيّ وال يلنجوج مشبوبة مجامرها
يرفلن في الخَزّ وَالمَجاسِد وال موشيّ محطومة مزامرها
فَأَينَ رقاصُها وَزامرها يجبن حيث اِنتَهَت حَناجرها
تَكادُ أَسماعهم تُسَكُّ إِذا عارض عيدانَها مَزاهِرُها
أَمسَت كَجَوفِ الحِمار خاليَةً يُسَعِّرها بالجَحيم ساعرها
كَأَنَّما أَصبَحَت بساحتهم عادٌ ومسَّتهُم صراصرها
لا تَعلَم النَفس ما يُبايتها مِن حادث الدهر أَو يُباكرها
تُضحي وَتُمسي دَريّةً غَرَضاً حيث اِستَقَرَّت بِها شراشرها
لأسهُمِ الدهر وَهوَ يَرشُقها محنطها مَرّة وَباقرها
يا بؤسَ بَغداد دار مَملَكة دارَت عَلى أَهلِها دَوائرها
أَمهَلَها اللَهُ ثُمَّ عاقَبَها لَمّا أَحاطَت بِها كَبائرها
بالخسف وَالقَذف وَالحَريق وَبال حرب الَّتي أَصبحت تساورها
كَم قَد رَأَينا مِن المَعاصي بِبَغدا دَ فَهَل ذو الجَلال غافِرُها
حَلَّت بِبَغدادَ وَهيَ آمِنَةٌ داهيَةٌ لَم تَكُن تُحاذرها
طالعها السوء من مطالعه وَأَدرَكَت أَهلَها جرائرها
رقّ بِها الدين واسُخِف بِذي ال فضل وعزَّ النسّاكَ فاجرها
وَخطّم العَبدُ أَنفَ سَيِّده بالرَغم وَاستُعبدت حَرائرها
مَن يَرَ بَغداد وَالجُنودُ بِها قَد ربّقت حَولها عساكرها
كُلَّ طحون شَهباءَ باسِلَةٍ تُسقط أَحبالها زماجرها
تلقي بغيّ الرَدى أَوانسها يُرهقها للّقاء طاهرها
وَالشَيخ يَعدو حزماً كَتائبه يقدم أَعجازها يعاورها
وَلزهير بالفرك مأسدة مرقومة صُلبَةٌ مكاسرها
كَتائب المَوت تَحتَ أَولية أَبرَح منصورها وَناصرها
يَعلَم أَنَّ الأَقدار واقِعَة وقعاً على ما أَحَبَّ قادرها
فَتِلكَ بَغداد ما تبنّى مِن الذّ له في دورها عصافرها
مَحفوفَة بِالرَدى منطّقة بالصغر مَحصورة جَبابرها
ما بَينَ شط الفُرات منه إِلى دجلة حيث انتهت معابرها
نار كَهادي الشَقراء نافرة تَركُض مِن حَولِها أَشاقرها
يُحرِقها ذا وَذاكَ يَهدِمها وَيشتَفي بالنِهاب شاطرها
وَالكوخُ أَسواقُها معطَّلة يستنَّ عيّارُها وَعائرها
¥