تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أيّوب عليه السلام

ـ[أبوشادي الصوري]ــــــــ[01 - 03 - 2007, 01:47 ص]ـ

أيوب u

قال تعالى: {واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب* اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب} 0 أيوب هو نبي الله من نسل ابراهيم u, وقد تزوج من ذرية يوسف بن يعقوب فتاة أسمها رحمة كانت مثله صلاحا وتقوى, جازت زوجها في عبادته لله I, وفي حمده وشكره له , وفي تقربه اليه. وقد اشتهر أيوب بين الناس بالصبر, وقصته مشهورة, ولنبدأ مع أيوب الغني, فقد كان رجلا غنيا, ذا مال كثير, بسط الله له الرزق, وافسح له طريق الثراء, حتى كان يملك قرية كاملة في دمشق تسمى "الثنية" وهي قرية تقع بين دمشق وأذرعات, ويملك ما فيها من مزارع خضراء منبسطة فسيحة, وله فيها بساتين مزهرة, وله بها منشآت وديار. كانت الأبقار و الشياه الحلوب, ترتع في مزارعه, وتنيخ في مربضه الإبل الخفاف, و النياق الولود, وتسرح بأرضه الخيل والبغال والحمير. ولقد أفاض الله برزقه على عبده الصالح أيوب ففوق ما رزقه من نعمة المال, رزقه نعمة أخرى جزيلة محبوبة, تلك نعمة الأولاد كم البنات والبنين. فقد كمل له بذلك ما تمنّاه كل امرئ لنفسه من متع الدنيا ورفاهية الحياة, ولذاذة العيش, ونضرة النعيم. فهل كان أيوب بما أعطاه الله من نعم الدنيا وبهجة الحياة منعما مرفها, ينعم بجاه المال ويهنأ بخلف من البنين والبنات, ونسى كل ما عداه؟ والحق يقال عكس ذلك, فلم يكن أيوب كذلك, فلم يبخل على نفسه وعياله, وكان لا يحب كنز المال. كان أيوب ذا مال, ولكن كانت أمواله لمن حوله قبل ان تكون لنفسه, وكان منها زكاة وهبات وعطايا كان برا بكل من حوله! يرعى غلمانه وخدمه قبل أن يرعى أهله, فلكل رجل من أتباعه زوجة ودار ومتاع, ولكل غلام مدّخر من المال. وكان لا يطعم طعاما وهو يعلم بمكان جائع يشتهي الطعام! وكان لسانه لا يكف عن ذكر الله والحمد والتسبيح لربه ولا يفتر جنانه عن التفكير في الله Y. وتحدث الناس عن أيوب, ولهجت ألسنتهم بالدعاء له والثناء عليه, وعمرت قلوبهم بحبه والإخلاص له! وكذلك أهل السماء من الملائكة ذكروا أيوب ذكرا حسنا. كل هذا أغاظ إبليس, كثرة ذكر أيوب والثناء عليه, وإبليس أقسم أن يغوي البشر أجمعين, وبسبب ذلك طرده ربه من الجنة جزاء عصيانه, فقال كلمته المعروفة: رب, بما أغويتني وطردتني بسبب آدم لأزينن لذريته في الأرض, ولأغوينهم أجمعين. واستطرد إبليس قائلا: الا عبادك المخلصين. وكان أيوب عليه السلام من عباده المخلصين. وكانت محنة أيوب وقصة مرضه المشهورة هي محنته, ولعل أشهر ما ذكر عن هذه المحنة كانت هذه القصة التي جاء فيها: تحدّث الملائكة, ملائكة الأرض فيما بينهم عن الخلق وعبادتهم, قال قائل منهم: ما على الأرض اليوم خير من أيوب, هو أعظم المؤمنين إيمانا, وأكثرهم عبادة لله, وشكرا لنعمته ودعوة له. وسمع الشيطان ما يقال ... فساءه ذلك, وطار الى أيوب محاولا إغواءه, ولكن أيوب بقي, قلبه هو الصفاء لله والحب لله. وقد كان أيوب عليه السلام محصنا بإيمانه ضد وسوسة الشيطان, فما استطاع إبليس أن يغريه بشيء مما يغري به الأغنياء! وما قدر على أن يدفع به الى ما كان يدفع اليه أمثاله من الأثرياء!! حاول إبليس عن طريق شياطين البشر أن يحرّض أيوب على ارتكاب المعاصي, فأتاه بشرذمة من الناس يزيّنون له اللهو والمجون والمتعة المحرّمة, ويدعونه الى ترك التقشف, والى التهاون في العبادة لينعم نفسه بمباهج الدنيا, ويمتعها بما أوتي من نعم وجاه ومال. ولكن قلب أيوب كان تقيّا نقيّا, فلم يستجب لما زيّن له؛ وكانت نفسه مؤمنة ورعة, فلم تسمع ما دعيت اليه. كانت متعته u تكمن في أشياء كثيرة, كانت متعته في أن يكفل أيتاما مات عنهم عائلهم, وكانت بهجته في أن يساعد بماله أرملة ذهب عنها رجلها, أو فقير أضرّ به فقره, أو عاجزا أقعده عجزه, فيشعر بالسعادة لسعادتهم ويهنأ لهنائهم, ويشكر الله على أن هيأ له كل هذه السعادة وكل هذا الهناء. وطال الأمد بإبليس دون أن يستطيع الوصول الى غايته من استمالة أيوب ببلاء لم يكن منتظرا, سرّ له إبليس وفرح فعاود مع أيوب نشاطه من جديد, ونعود الى أشهر رواية عن أيوب ومحنته فنقول: حين يئس الشيطان من إغواء أيوب, قال لله تعالى: يا رب ان عبدك أيوب الذي يعبدك ويقدسك لا يعبدك حبا, و انما يعبدك لأغراض. يعبدك

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير