إنّ عمل قوم لوط يعد شذوذاً بالغاً عن الفطرة وانحرافاً جارفاً، ونزوة قذرة، فلا عجب أن يكون موقف الإسلام من هذا العمل الدنيء صارماً وزاجراً. وقد تبين لك فيما سبق الوعيد المنتظر لمن ارتكب هذا المنكر الخطير في الآخرة، فما عقوبته في الدنيا؟
لم يثبت عن رسول الله أنه قضى في هذه الجريمة لأنه عمل لم تعرفه العرب، ولكن ثبت عنه أنه قال: {اقتلوا الفاعل والمفعول به} 0 حكم به أبو بكر وكان علي بن أبي طالب أشد الصحابة في الحكم عليه.
ثبت عن خالد بن الوليد أنه وجد في بعض نواحي العرب رجلاً يُنكح كما تُنكح المرأة، فكتب إلى أبي بكر الصديق t، فاستشار أبو بكر الصحابة y فكان علي بن أبي طالب أشدهم قولاً فيه، فقال: (ما فعل هذا إلا أمة من الأمم واحدة وقد علمتم ما فعل الله بها، أرى أن يحرق بالنار). فكتب إلى خالد، فحرقه. قال ابن القصار وابن تيمية رحمهما الله: (أجمعت الصحابة على قتله، وإنما اختلفوا في كيفية قتله). قال أبو بكر في كيفية قتله: (يرمى من شاهق). وقال علي r:( يهدم عليه حائط).
وقال ابن عباس y:( يقتلان بالحجارة). قال علي وابن عباس وجابر بن زيد و عبدالله بن معمر والزهري ومالك، وهو رواية عن الإمام أحمد وأحد قولي الشافعي وأبي ثور وغيرهم: (يرجم من عَمل عَمَل قوم لوط محصناً أو غير محصن).سئل ابن عباس عن حد اللوطي فقال: (يُنظر إلى أعلى بناء في القرية فيُرمى به منكوساً ثم يُتبع بالحجارة). كان جابر بن زيد يقول: (حرمة الدبر أشد من حرمة الفرج).
أخطاره الدنيوية
من عقوبة هذه الجريمة ما يتسبب عنها من أمراض كثيرة فتاكة، عجز الطب بقدراته العظيمة وأجهزته المتنوعة عن علاجها فضلاً عن القضاء عليها، ولا غالب لأمر الله. ومن هذه الأمراض:
الإيدز: الذي لم يتوصل الأطباء بعد إلى علاج ناجح له، وهو ينتشر بالاتصال الجنسي المحرم، أو الشذوذ الجنسي (اللواط).
السيلان: الذي يسبب التهاباً حاداً أو مزمناً في الخصيتين، وقد يؤدي إلى العقم، وإلى التهابات في المفاصل.
الزهري: الذي يسمى عامياً (بداء الإفرنج) لصدوره عن المجتمعات الإفرنجية التي تفشو فيها الفاحشة.
التقرحات الجنسية: التي تسبب التهابات في العقد البلغمية قد تؤدي إلى خراجات قيحية مزمنة، والتهابات في المجاري البولية، وآلام مفصلية، وتورمات في الأطراف.
هذه أخطر أمراض الشذوذ الجنسي، وغيرها كثير، فهل من أحد يرغب في الإصابة بشيء منها؟! نسأل الله السلامة والعافية من كل سوء.
[طريق النجاة]
أخي إن طريق النجاة واضح وضوح الشمس، ألا وهو الابتعاد عن الجرم العظيم. وإليك بعض الأسباب التي تساعدك على ذلك:
1 - التوبة والرجوع إلى الله.
2 - الابتعاد عن رفقاء السوء الذين يزينون لك المنكر ويوقعونك في الإثم، فهم من أعظم
الأسباب في إصلاح الشاب أو انحرافه، فعليك باختيار الرفقة الصالحة التي تعينك على
أمور دينك ودنياك.
3 - غض البصر عن كل ما يثير الشهوة من النظر ومخالطة المردان، أو الصور التي تموج
بها المجلات والأفلام، وغيرها.
4 - السعي في الزواج لتحصين نفسك، وتتبع دعوة النبي للشباب في قوله: {يا معشر
الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء}.
5 - الإكثار من الصوم لتنكسر الشهوة، لقوله: {إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم،
فضيقوا عليه بالجوع}.
6 - ملء الفراغ بما ينفع لأن الإنسان إذا خلا صار عرضة للخواطر الآثمة التي يوسوس بها
الشيطان، والنفس الأمارة بالسوء.
وأخيراً أخي الشاب ..
ماذا تنتظر؟ هل تنتظر أن يُقبض عليك وأنت متلبس بهذه الجريمة؟
هل فكرت في حال أبيك الذي يكدح من أجل أن يؤمن لك ما تريد؟! وهو الذي كان يعتز بابنه في المجالس.
هل فكّرت في حال أمك التي أمضت الليالي الطوال من أجل راحتك؟! أتهديهما فضيحة تسود منها وجهيهما أمام الناس؟
هل تنتظر موتاً يأتيك، وأنت مستمر في ممارسة هذه الجريمة، فالموت ليس له موعد، والموت كذلك لا يعرف كبيراً ولا صغيراً.
وفي الختام أخي العزيز أرجو أن أكون قد وفقت لإظهار صورة موجزة عن حكم هذه الجريمة، وأضرارها، لتكون عبرة لمن لم يفعل هذه الجريمة وسبباً لتوبة من أوقعه الشيطان في حبائلها حتى يكون في زمرة التائبين العائدين إلى ربهم. ويجب عليك أخي الكريم أن تبلغ كل شاب بعظم جريمة اللواط وخطرها حتى يكون لك الأجر والثواب من الله.
أسأل الله العلي القدير أن يمن علينا وعليك بالتوبة، وأن يجعل ما كتبت لك وما قرأت أنت فيها حُجة لنا ولك لا علينا وعليك، والله الموفق إلى ما فيه صلاح المسلمين.
وقفات:
قال بلال بن سعد: (ربّ مسرور مغبون، يأكل ويشرب ويضحك، وقد حُقّ له في كتاب الله عز وجل أنه من وقود النار).
كان الحسن يقول: (رحم الله امرءًا لم يغرّه كثرة ما يرى من الناس، ابن آدم: إنك تموت وحدك، وتبعث وحدك، وتحاسب وحدك).
أعلى درجة حرارة توصل الإنسان لإنتاجها تتراوح بين 300 - 400 مليون درجة وهي الحرارة الناشئة عن انفجار قنبلة ذرية. فنعوذ بالله من النار ومن غضب الجبار.
كان بعض السلف يقرأ: فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [الزلزلة:8،7] فيبكي ثم يقول: (إن هذا الإحصاء شديد).
قال أحمد بن عاصم: (هذه غنيمة باردة، أصلح ما بقي من عمرك، يُغفر لك ما مضى).