تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

رأت الأم أبناءها منبهرين بشخصيات الرسوم المتحركة والمجلات والأفلام الغربية من الأبطال، فعز عليها ذلك وقالت لهم:" إن هؤلاء أبطال غير حقيقيين، فهل أحدثكم عن أبطال حقيقيين؟ " فكانت إجابتهم بالفعل هي الإيجاب، فظلت تحكي لهم كل يوم قصة قبل النوم من قصص أبطال المسلمين من الأطفال أمثال:

"علي بن أبي طالب" الذي نام في فراش النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الهجرة وهو ابن عشر سنين.

و "الحسن" و"الحسين" الذين رأيا شيخا يتوضأ –وكانا غلامين- فلم يريدا جرح مشاعره بأن يقولا له أنه لا يحسن الوضوء،فقالا له: يا عماه لقد اختلفت وأخي فيمن يحسن الوضوء منا فهلا حكمت بيننا؟ وأرياه كيف الوضوء الصحيح.

و"عبد الله بن الزبير" الذي عُرف عنه منذ صغره قوة في الحق وصراحة في الكلمة يعترف إذا أخطأ ويتحمل الجزاء إذا دعا الأمر، وقد كان يوما يلعب مع الصبية-وهو لا يزال صبي- وإذا بأمير المؤمنين عمر بن الخطاب يمر بهم، ففروا من أمامه-لأنه كان يسألهم عن صلاتهم فإذا كانوا قد أدوها تركهم وإذا لم يؤدوها أمرهم بأدائها- أما "عبد الله" فوقف مكانه،فلما سأله "عمر" عن عدم فراره معهم قال:" لَم أرتكب ذنباً فأخافك، وليست الطريق ضيقة فأوسعها لك"، فسأله:" هل أديت فرضك؟ " قال " نعم يا أمير المؤمنين، وتلاوة ما عليَّ من قرآن وحديث وأنا الآن أروِّح عن نفسي، فقال له:" جزاك الله خيرا يا ولدي".

و"أسامة بن زيد" الذي علم أن رسول الله صلى الله عليه سلم يتجهز للغزو فأصر – وهو بعد لم يتجاوز العاشرة من عمره- على أن يكون له دور، فذهب يعرض نفسه على النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أن الرسول الكريم أجابه بأنه ما يزال صغيرا لم يُفرض عليه القتال،فعاد باكياً، ولكنه عاود الكرة مرة ثانية وثالثة،وفي الثالثة طلب منه أن يطيِّب الجرحى من المقاتلين، ففرح فرحاًً شديداً، ولما كبر أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتولى أسامة قيادة أحد جيوش المسلمين،فتم ذلك في عهد أبي بكر رضي الله عنه.

و"معاذ" و"معوِّذ" الغلامان الذين نالا شرف قتل "أبي جهل" رأس الكفر الذي طالما آذى الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمين ثم انصرفا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه، فقال لهما:"أيكما قتله؟ فقال كل منهما:" أنا قتلته" فقال لهما:" هل مسحتما سيفيكما؟ " قالا:"لا" فنظر صلى الله عليه وسلم في السيفين وقال:" كِلاكما قتله"!!!

و"أسماء بنت أبي بكر" التي تشرفت -دون الخلق- بحمل الطعام والشراب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأبيها في مخبأهما أثناء الهجرة، والدفاع عنهما بشجاعة وصلابة أمام أبي جهل الذي لطمها على خدها لطمة أطاحت قرطها.

وأروى بنت الحارث التي قادت كتيبة من النساء وقد عقدت لواءً من خمارها كخدعة حربية، ففعلت من معها من النساء مثلها واندفعت بالكتيبة إلى حيث كان المسلمون يواجهون عدوهم في "ميسان"،فلما رأى الأعداء الرايات مقبلات عن بعد ظنوا أن مدداً للمسلمين في الطريق إلى أرض المعركة،ففروا مولين الأدبار، وتبعهم المسلمون يطاردونهم حتى قتلوا منهم أعدادا ًكبيرة.

في التعرف على الدين:

لما اقترب أولادي من سن المراهقة استأذنتهم في أن أضع بعضاً من كتبي في مكتبتهم الخاصة بغرفتهم لأن مكتبتي مكتظة، فلم يعترضوا. فاخترت مجموعة من الكتب مثل: (رأيت الله للدكتور مصطفى محمود، ورياض الصالحين للإمام النووي،وحياة الصحابة للكاندهلوي،وفقه السيرة،والمهذَّب من إحياء علوم الدين للإمام محمد الغزالي، ومنهاج المسلم للشيخ أبو بكر الجزائري، وتفسير القرآن للشيخ الشعراوي رحمه الله، والحلال والحرام في الإسلام،والإيمان والحياة للدكتور يوسف القرضاوي،،ولا تحزن لعائض القرني، وعلو الهمة لمحمد أحمد المقدم، وبدائع القصص النبوي الصحيح لمحمد بن جميل زينو)

ولم أتحدث معهم عنها على الإطلاق، بل كنت أراقب الموقف من بعيد ... وما هي إلا أسابيع حتى امتدت أيديهم الغضة إلى تلك الكتب واحداً تلو الآخر وأصبحوا-بحمد الله تعالى - يستفسرون عن بعض ما يقرءونه ويناقشونني فيه.

في الترغيب في الزكاة من خلال الصدقة:

قامت الأم بتخصيص صندوق كبير يضع فيه أفراد الأسرة ما زاد عن حاجتهم،أوما يريدون التصدق به، ويتركونه حتى يمتلىء فيقومون بترتيب الأغراض ووضعها بشكل لائق، ثم ترسلها الأم مع طفليها إلى المسجد القريب من المنزل الذي ينفقها على مستحقيها؛ وكانت توضح دائماً أن الله يعطي كل منفق خلفا، وأنه يعطيه أفضل مما تصدق به في الدنيا والآخرة ... وذات يوم وضع طفلها حذاءه الرياضي القديم في صندوق الصدقة دون أن يخبر أمه، ولما عاد أبوه وجدته الأم يقول لها وهو يكاد يطير فرحا:" أنظري يا أمي لقد رزقني الله بحذاء رياضي جديد أفضل من الذي تصدقت به، حتى قبل أن يصل إلى المسجد؛ أرسله لي صديق أبي الذي عاد من السفر!!! "

في الترغيب في الحج من خلال العمرة:

لم يتيسر الذهاب للمصيف قبل العمرة، وكان الأولاد يتوقون إليه، ولكنهم لما عادوا من العمرة لم يطلبوا الذهاب للمصيف واكتفوا بمزاولة رياضة كل منهم المفضلة، حتى انتهت العطلة الصيفية!!! ثم صاروا يسألون في العطلة التالية عن موعد الذهاب العمرة ويقولون:"نفضلها على المصيف"!!

والعجيب أن الأم فوجئت بأصغر أولادها (سبع سنوات) تسأل عن الحج قائلة: لقد جربنا العمرة وأريد أن أجرب الحج،متى نحج يا أمي؟!!!

*****

وختاماً، فإن الحديث في هذا الموضوع لا يكتمل إلا بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم مع حارثة رضي الله عنه -وكان لا يتجاوز السادسة عشرة من عمره-، يروي حارثة أنه صلى الله عليه وسلم قال له يوماً: ((يا حارثة، كيف أصبحت؟ قال: أصبحت مؤمناً حقاً، فقال له المصطفى: "وما حقيقة إيمانك؟ " قال:" أصبحت أرى عرش ربي بارزا، وأصبحت أرى أهل الجنة وهم يتزاورون، وأهل النار وهم يتعاوون (يصطرخون) فقال له: عرفتَ فالزم!!))

"سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم"، وآخر دعوانا" أن الحمد لله رب العالمين"

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير