[المروءة .. شذر مذر!!]
ـ[كرم مبارك]ــــــــ[05 - 10 - 2007, 06:48 ص]ـ
صادف عثمان بن طلحة وهو " كافر " أم سلمة وهي " مسلمة " تريد الهجرة إلى دار الإسلام المدينة المنورة بعد أن أفرج قومها عن ولدها الصغير بعد عذاب سنة كاملة، وذلك في التنعيم " موقع مسجد عائشة في مكة الآن "
فأبت مروءة عثمان وشهامته وهو " كافر قبل أن يسلم " أن يترك امرأة تسير في الصحراء لوحدها مسافة تقترب من 450 كم متراً فأناخ لها ناقته وصحبها إلى المدينة وأوصلها إلى هناك ورجع لوحده إلى مكة
مسافة 450 كم بالناقة تعني عندهم سفر ثلاثة أيام بلياليها أو أقل أو أكثر ..
لقد كان عثمان في هذه الرحلة قمة في غض البصر وهو " كافر "
فقد كان ينيخ الناقة ويعطي ظهره لأم سلمة كي تنزل دون أن تقع عينه عليها
وإن أرادها أن تركب ينيخ الناقة ثم يدير ظهره حتى تركب.
وكان إذا أراد الراحة والنوم ذهب بعيداً ونام لوحده بعد أن اطمأن عليها وعلى مكان نومها.
وإن قدم أصدر صوتاً حتى تعتدل " أم سلمة في جلستها وتسوي ثيابها ..
كل هذا هو " كافر "
بمعنى أنه لم تحركه بواعث الإيمان، ولا تعاليم العقيدة، ولا آداب الشريعة، ولا حقوق الأخوة الإسلامية
بل أن محركه الأول والأخير هي شهامة ومروءة الرجل العربي ...
قد لا أكون بارعاً أكثر من أم سلمة نفسها تحكي لنا حكايتها مع هذا الرجل الذي أصبح بعد ذلك من عظماء المسلمين ...
لقد دمعت عيني والله عندما قرأت هذه القصة، وكلما قرأتها وكأني أقرؤها لأول مرة فتدمع عيني مرة أخرى
تأثرت بها عظيم تأثر ..
تذكرت حالنا ونحن " مسلمون " كيف أضعنا الشهامة والمروءة وهي من أعظم أخلاقنا وأرفع فعالنا حين امتزجت كخصال متأصلة فينا مع حث عليها من شريعتنا الغراء وديننا الحنيف ..
أضعناها واستبدلناها بالميوعة والخسة والنذالة والغش والخداع
لن أطيل عليكم أترككم والقصة وعلى لسان صاحبتها
إقرأها ثم ابك على حالك.
تقول أم سلمة رضي الله عنها:
ارتحلت بعيري ثم أخذت ابني فوضعته في حجري، ثم خرجت أريد زوجي بالمدينة.
قالت وما معي أحد من خلق الله.
قالت فقلت: أتبلغ بمن لقيت حتى أقدم على زوجي، حتى إذا كنت بالتنعيم لقيت عثمان بن طلحة بن أبي طلحة أخا بني عبد الدار فقال لي: إلى أين يا بنت أبي أمية؟
قالت فقلت: أريد زوجي بالمدينة. قال أو ما معك أحد؟
قالت فقلت: لا والله إلا الله وبني هذا.
قال والله ما لك من مترك فأخذ بخطام البعير فانطلق معي يهوي بي، فوالله ما صحبت رجلا من العرب قط، أرى أنه كان أكرم منه كان إذا بلغ المنزل أناخ بي، ثم استأخر عني، حتى إذا نزلت استأخر ببعيري، فحط عنه ثم قيده في الشجرة، ثم تنحى إلى شجرة فاضطجع تحتها، فإذا دنا الرواح قام إلى بعيري فقدمه فرحله ثم استأخر عني، وقال اركبي. فإذا ركبت واستويت على بعيري أتى فأخذ بخطامه فقاده حتى ينزل بي.
فلم يزل يصنع ذلك بي حتى أقدمني المدينة، فلما نظر إلى قرية بني عمرو بن عوف بقباء
قال زوجك في هذه القرية - وكان أبو سلمة بها نازلا - فادخليها على بركة الله ثم انصرف راجعا إلى مكة.
فكانت تقول والله ما أعلم أهل بيت في الإسلام أصابهم ما أصاب آل أبي سلمة، وما رأيت صاحباً قط كان أكرم من عثمان بن طلحة.
ورجال هذه خصالهم كان لابد من مكافأتهم مكافأة مجزية يظل أثرها إلى يوم القيامة
وقد روى الأزرقي في تاريخ مكة عن جده عن مجاهد في قوله تعالى " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها "
قال: نزلت في عثمان بن طلحة حين قبض النبي صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة، ودخل به الكعبة يوم الفتح، فرجع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتلو هذه الآية، فدعا عثمان فدفع إليه المفتاح، وقال صلى الله عليه وسلم خذوها يا بني طلحة بأمانة الله سبحانه، لا ينزعها منكم إلا ظالم.
وهاهم أحفاد طلحة من بني شيبة يتوارثون شرف حمل المفتاح أباً عن جد إلى يوم القيامة.
ولا يدخل ملك أو رئيس أو أمير داخل الكعبة إلا بإذنهم، فأي شرف وأية رفعة بعد هذا الشرف العظيم.
إن مما يدمي القلب في هذا العصر أن المروءة أصبحت عزيزة بل غريبة وحلت خوارمها بدلاً عنها:
فها هو إطلاق النظر دون حياء أو خجل من النساء قبل الرجال يقصم ظهر المرؤة ويرديها قتيلة ...
¥