تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[لا إكراه في الدين!]

ـ[مهاجر]ــــــــ[08 - 09 - 2007, 04:13 م]ـ

قال تعالى: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)

يقول الحافظ ابن كثير، رحمه الله، في بيان سبب نزول هذه الآية:

يقول تعالى: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّين} أي: لا تكرهوا أحدًا على الدخول في دين الإسلام فإنه بين واضح جلي دلائله وبراهينه لا يحتاج إلى أن يكره أحد على الدخول فيه، بل من هداه الله للإسلام وشرح صدره ونور بصيرته دخل فيه على بينة، ومن أعمى الله قلبه وختم على سمعه وبصره فإنه لا يفيده الدخول في الدين مكرها مقسورًا. وقد ذكروا أن سبب نزول هذه الآية في قوم من الأنصار، وإن كان حكمها عامًّا. اهـ

فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، كما يقول الأصوليون، فهي: نص في كل كافر أصلي ليس على دين الإسلام فلا يجوز إكراهه على الدخول في دين الإسلام.

وقال ابن جرير، (أي: الطبري رحمه الله): حدثنا ابن بشار حدثنا ابن أبي عدي عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كانت المرأة تكون مِقْلاتًا، (أي: لا يعيش لها ولد)، فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تهوده، فلما أجليت بنو النضير كان فيهم من أبناء الأنصار فقالوا: لا ندع أبناءنا فأنزل الله عز وجل: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيّ}

وقد رواه أبو داود والنسائي جميعا عن بُنْدَار به ومن وجوه أخر عن شعبة به نحوه.

وقد رواه ابن أبي حاتم وابن حبان في صحيحه من حديث شعبة به، وهكذا ذكر مجاهد وسعيد بن جبير والشعبي والحسن البصري وغيرهم: أنها نزلت في ذلك. اهـ

فالآية ليست: دعوة للانسلاخ من الدين، وحرية الاعتقاد، بمعنى: حرية اختيار الدين الملائم لهوى العبد كما يختار النعل، أكرمكم الله، الملائم لقدميه، كما روج لذلك بعض المعاصرين، كما هو الحال عندنا في مصر هذه الأيام، ومنهم من تربى في أحضان دور العلم، فحصل من علوم الملة ما أهله، من الناحية الأكاديمية، لتولي أرفع المناصب الدينية، إذ قصر حد الردة على وقوع فتنة بذلك، أو انحياز المرتد إلى معسكر أعداء الإسلام ليقاتل المسلمين!!!!، وعليه فلا يقام حد الردة على هذا المارق إلا إذا صار فتنة لغيره أو حارب المسلمين، كما تقدم، ولا يدري الناظر في هذه الفتوى الغريبة: أي فتنة أكبر من رجوعه عن دين الحق؟!!، أليس هذا كافيا لفتنة من حوله من ضعاف النفوس، لاسيما إن صاحب هذه الردة: امتيازات مادية لا يملك القوم غيرها لفتنة المسلمين في دينهم، فلا شيء في دينهم المحرف يغري أصحاب الفطر السليمة ممن رسخت أقدامهم في دين الله، عز وجل، على الدخول فيه، والإسلام يغزو مجتمعاتهم، رغم تخاذل أتباعه، لأنه يملك قوة ذاتية لا يملكها أي دين أو فكر منحرف، سواء أكان دينا سماويا حرفه أتباعه أم فكرا أرضيا وضعيا ما أنزل الله به من سلطان.

وفي التنزيل: (وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آَمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آَخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)، يقول ابن كثير، رحمه الله، في بيان سبب نزول هذه الآية:

هذه مكيدة أرادوها ليلْبسُوا على الضعفاء من الناس أمْر دينهم، وهو أنهم اشْتَوروا بينهم أن يظهروا الإيمان أول النهار ويُصَلّوا مع المسلمين صلاة الصبح، فإذا جاء آخر النهار ارتدوا إلى دينهم ليقول الجهلة من الناس: إنما رَدّهم إلى دينهم اطّلاعهُم على نقيصة وعيب في دين المسلمين، ولهذا قالوا: {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}.

قال ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد، في قوله تعالى إخبارًا عن اليهود بهذه الآية: يعني يهود، صَلَّت مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر وكفروا آخر النهار، مكرًا منهم، ليُرُوا الناس أن قد بدت لهم منه الضلالة، بعد أن كانوا اتبعوه. اهـ

وهكذا المرتد يشكك ضعاف النفوس في دينهم، فلسان حاله: لقد وجدت الحق في غير ما أنتم عليه، فلا عزاء لكم في سنوات عمركم التي ضيعتموها في اعتناق ملة باطلة!!!.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير