[رحلة إلى المطر ..]
ـ[كرم مبارك]ــــــــ[30 - 08 - 2007, 04:09 م]ـ
رحلة إلى المطر
اعتدت منذ فترة طويلة أن أراقب الغيوم وأتابع السحب وأقرأ حركة الرياح،
لست طبعاً من هواة الفلك وليس لي ناقة أو بعير في معرفة النجوم أو الكواكب والشهب ..
ولكن هذا الاهتمام الكبير بالسحب والغيوم هو لشوقي الكبير لاستقبال الغيث ورؤية الوديان وقد امتلأت بالسيول الجارية ..
لذا فأينما وجدت غيمة فابن المبارك حتماً جالس يستظل بظلها .. أو يطاردها مطاردة العطشان للسراب في قلب الصحراء ..
وكم من المقالب الظريفة واللطيفة وأحياناً المرة مرت في علاقتي مع هذه الغيمة أوتلك
ففي حين أكون في شرق البلاد أطارد غيمة سوداء مليئة وعلى أمل أن تسقط بحملها من حولي وحوالي.
إذا بغيمة أخرى تتسلل إلى حيث مقري ومنزلي وفي عقر داري وتسقط حملها في غيابي وتذهب لأعود بخفي حنين بل وبحسرة من لم يجني إلا الحصرم.
قصتي مع مطاردة الغيوم قصة طريفة وممتعة أصيب فيها أحياناً قليلة وأكثرها والحمدلله خائبة
ورحلتي إلى المطر رحلة شوق ومحبة .. ، يرحل الناس إلى الأماكن والمساكن أما أنا فخليلي السحاب ونديمي الغيم وسلوتي المطر فأينما حلت حللت وأينما نزلت نزلت
لا أكل ولا أمل في هذه المطاردة فهي متعتي وقمة سعادتي ..
لقد رجعت من مطاردتي للغيوم في هذا اليوم وقد اكتحلت عيني بالأمطار الغزيرة والسيول الوفيرة والوديان المسيلة.
كنت قد سمعت بالأمس بأمر المطر في بعض مناطق شرق البلاد، فأخفيت الأمر عن الأسرة وأظهرت لهم براعتي في التنبؤ والمعرفة الفلكية وأبديت لهم أن إحساسي وفراستي تدل على أن الأمطار ستهطل في منطقة مسافي هذا اليوم.
تحركنا وخاب ظني فقد كانت جميع المؤشرات لا تدل على أن هناك مطر، لذا فقد أشارت علي حرمنا المصون بعد خروجنا من جامع الذيد الكبير بعد صلاة الجمعة أن نتغدى في أحد المطاعم ونعود أدراجنا وأن أترك " شغلة " الفراسة والأحاسيس وعلم الفلك وإن أعطي الخبز لخبازيه.
لم يكن ابن المبارك لينهزم في الشوط الأول فإما أن أهزم بالضربة القاضية أو أنتصر، لذا فلا مفر إلا أن أبدي للجميع أن حساباتي دقيقة و أحاسيسي عميقة.
لذا نظرت إلى السماء يمنة ويسرة باحثاً عما ينقذني من ورطتي فإذا بغيمة صغيرة فريدة بعيدة تتمايل مع الريح في كبد السماء فقلت: أترون تلك الغيمة هناك؟ هذه التي تحمل لكم الغيث هيا إلى مسافي فلا تراجع.
نظراتهم التي حاولت تجنبها كانت تقول: غير مقتنعين ولكن لاحول لنا ولاقوة، اذهب وسنرى خبراتك إلى ماذا ستقودنا؟
لم أكن لألومهم لعدم ثقتهم بقدراتي، فقد كانت أغلب الأحيان خائبة وللأسف
لذا قلت لهم: توكلوا على الله، ومن يتوكل على الله فهو حسبه.
في مسافي كان الواقع أمرّ من الذيد فعلى الأقل في الذيد رأيت غيمة مسكينة فريدة وحيدة أما هنا فلا غيوم ولاسحب إلا من غيمة ألقت بظلالها على بعض الجبال البعيدة العالية وهذه لا سبيل للوصول إليها.
ولكن مع ذلك لم تحن الضربة القاضية فقد كنت أتأمل أن تغير هذه الغيمة وجهتها فنحن أولى من ظلها من الجبال الجرداء الصماء.
فأخذت في تلهية من معي عن الغيم والمطر بأساليب ماكرة ولكنها كلها مشروعة
فتارة أتسكع في شوارع وأزقة الحي وكأني مرشد سياحي يشرح لهم مزايا هذه المنطقة وتارة أخرى أدغدغ بطونهم بما لذ وطاب من الشراب والطعام لينسوا قصة المطر ..
إلا أن الخدعة لم تكتمل فصولها فقد برزت ابنتي الصغرى من الخلف وهي تقول بصوت مسموع للجميع وتذكرهم بقصة المطر:
أبوي وين المطر ما ثفنا (شفنا) ثي (شيء)؟
كانت تلك العبارة كافية أن نعود إلى نقطة الصفر
ولكن ومن يتوكل على الله فهو حسبه .. ففي لحظتها فإذا بالغيمة تظللنا، وإذا بحبة مطر كبيرة على زجاج سيارتي، وبين مصدق ومكذب سقط المطر غزيراً، وجرت السيول وسالت الوديان ونزلت الحرارة إلى 22 درجة بعد أن كانت 44
ودخلت في شق واد صغير أعرفه جيداً في منطقة مربض تتكون منه بعض الأحواض المائية قفزنا فيها وسبحنا ولعبنا ثم عدنا أدراجنا، والجميع يثني على خبرتي وبعد نظري وقوة فراستي، وأنا في قمة الزهو والانتصار
كرم مبارك (الربيع الأول سابقاً)
ـ[نور الندى]ــــــــ[30 - 08 - 2007, 05:26 م]ـ
http://www.s77.com/3DSmile/35/t-145.gif (http://www.s77.com/index.php?t=smiles)
ـ[أبو طارق]ــــــــ[30 - 08 - 2007, 09:50 م]ـ
ما أجملها من رحلة
وما أروعه من طرح بديع
كما تعودنا منكم , الجمال والروعة
سلمت أناملك
ـ[قطرة ندى]ــــــــ[30 - 08 - 2007, 10:03 م]ـ
أضحك الله سنك،،
أتمنى أن تصيب معك في كل مرة:::)