[بحر اللغة أبو عمرو بن العلاء وإنشاد الشعر في رمضان]
ـ[بن باقر]ــــــــ[10 - 09 - 2007, 03:01 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لا تكاد تجد أديباً، أو مهتماً بالأدب، أو محب له إلا وهو يعرف ذلك البحر الزخار في اللغة أعني أبا عمرو بن العلاء رحمه الله
هذا الرجل كان آية في الحفظ، في الشعر أو النثر على السواء، وكان بحراً في اللغة يقصده المهتمون بها، ومن نظر إلى شيء من ترجمته عرف شيئاً من ذلك. وقد ذكر شيئاً من أخباره الجاحظ في بيانه (1/ 320) وكان مما ذكر عنه: أنه أعلم الناس بأمور العرب، مع صحة سماع وصدق لسان، حدثني الأصمعي قال: جلست إلى أبي عمرو عشر حجج ما سمعته يحتج ببيت إسلامي ... وحدثني أبو عبيدة قال: كان أبو عمرو أعلم الناس بالغريب والعربية، وبالقرآن والشعر، وبأيام العرب وايام الناس ... وكانت عامة أخباره عن أعراب قد أدركوا الجاهلية. وفي أبي عمرو بن العلاء يقول الفرزدق:
ما زلت أفتح أبواباً وأغلقها = حتى أتيت أبا عمرو بن عمار
قال: فإذا كان الفرزدق وهو راوية الناس، وشاعرهم، وصاحب أخبارهم، يقول فيه مثل هذا القول، فهو الذي لا يشك في خطابته وبلاغته ... وقال في أبي عمرو مكيُّ بن سوادة:
الجامع العلم ننساه ويحفظه = والصادق القول إن أنداده كذبوا "ا. هـ المراد
الذي بهرني من ترجمته ما ذكره ابن خَلكان رحمه الله في وَفياته (2/ 223) عن أبي عمرو من أنه: إذا دخل شهر رمضان لم ينشد بيت شعر حتى ينقضي"
وهذه ملكة نادرة أن يحبس المرء لسانه عما اعتاده، وأبو عمرو قد بلغ في العلم مبلغاً عالياً لا تكاد تجد له فيه نظيراً، فرحمه الله رحمة واسعة.
ومر بي في ترجمة الفرزدق أو جرير أنهما التقيا في الحج بمنى، فقال الفرزدق لجرير:
وإنك لاق بالمفاخر من منى = فخاراً فحدثني بمن أنت فاخرفقال له جرير: لبيك اللهم لبيك.
المقصود: أن هؤلاء الفحول يعنون بالأزمنة والأمكنة الشريفة، فينبغي لنا معاشر الكتاب أن نتنبه لهذا والله ولي التوفيق.
ـ[د. سليمان خاطر]ــــــــ[10 - 09 - 2007, 02:37 م]ـ
أهلا بك، أخي الكريم ابن باقر، في الفصيح، وهذه المشاركة الأولى لك هنا دلت على أن وراء الأكمة ما وراءها، فلا تحرمنا من دررك.
ولعل الجميع يعرف أبا عمروبن العلاء البصري المازني أحد القراء السبعة-قارئ أهل البصرة- وشيخ النحاة وإمام مدرسة البصرة.
ولعل السبب فيما ذكرته أنه لا ينشد شعرا غير جاهلي وشعر الجاهلية أكثره فيه خلط عمل صالح وآخر سيئا، ولا شيء يمنع الشعر في رمضان مطلقا؛ إذ هو كلام كسائر الكلام في مضمونه ومعانيه، حسنه حسن وقبيحه قبيح، وقد ورد في الحديث الشريف:"من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"،فدعنا-أخي الكريم- مع القرآن والحديث والذكر والعبادة وشيء من الشعرغير القبيح المعنى، في رمضان أعاننا الله على صيامه وقيامه.
وإذا كنت عَمْرِيَّ المذهب فنقنع منك بما تجود به من النثر حتى نهاية الشهر الكريم. والسلام.
ـ[بن باقر]ــــــــ[11 - 09 - 2007, 12:52 ص]ـ
الفاضل الدكتور سليمان خاطر: أشكر لك ترحيبك، وما أُرَاكَ إلا استسمنت ذا ورم، و ما وراء الأكمة لا يذكر بالنظر إلى ما ترقمه يراعك الكريمة.
وكان مقصودي أيها المفضال استغلال الأوقات ليس إلا، و إني لشاكر لك ما أردفت به على المشاركة لتوضح المقصود، فلا حرمتك.
أما الحديث فالذي يحضرني - مع بعد عهد - أنه حجة بعض الحنفية في إفساد الصيام بمثل هذه الكبائر، و هو غير مسلم، بل هو مردود؛ لأن الحديث قاصر عن درجة الاحتجاج، والله الموفق.
محبك: بن باقر