[نبذة عن زكاة الفطر]
ـ[مهاجر]ــــــــ[11 - 10 - 2007, 01:16 ص]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم:
أما بعد:
كل عام وأنتم بخير أيها الكرام بمناسبة اقتراب عيد الفطر المبارك، تقبل الله منا ومنكم.
وهذه نبذة موجزة عن بعض أحكام زكاة الفطر من باب الذكرى، لعل الله، عز وجل، أن ينفع بها.
وبداية مع بيان لفظها: "زكاة الفطر":
فالإضافة هنا من باب إضافة المسَبَب إلى سببه، فالزكاة مسبب، والفطر سببها، إذ تجب بالفطر من رمضان، وفي بعض روايات البخاري: زكاة الفطر من رمضان.
حكمها:
هي واجبة على كل فرد من المسلمين صغيرا كان أو كبيرا، ذكرا أو أنثى، حرا أو عبدا.
وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما: (فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ)، وقد توقف أحمد، رحمه الله، في زيادة "من المسلمين"، لمخالفة مالك، رحمه الله، جمعا من الثقات فيها، فرواها ولم يرووها، حتى وُجِدت متابعات لمالك، رحمه الله، وإن لم يكن أصحابها من كبار الحفاظ كـ: الضحاك بن عثمان وعمر بن نافع، فدل ذلك على أنها لها أصلا.
وقد نقل ابن المنذر، رحمه الله، الإجماع على فرضيتها، واعترض الحافظ، رحمه الله، على نقل هذا الإجماع، إذ ورد عن بعض أهل العلم القول بسنيتها، والراجح: الوجوب، لأن النصوص قد جاءت بصيغ هي نصوص في باب الأمر من قبيل: "فرض"، وهو من أقوى الألفاظ الدالة على الوجوب ولا صارف لها عن الوجوب يحملنا على القول بأنها سنة.
وقد ذهب الأحناف والظاهرية، رحمهم الله، إلى أنها تجب على الزوجة من مالها لظاهر الخبر: (على كل حر أو عبد: ذكر أو أنثى)، وتأول الجمهور هذا الظاهر بأن الزوجة تابعة لزوجها في النفقة، فيلزمه إخراجها عنه وعن أولاده.
واستدلوا بأثر ابن عمر، رضي الله عنهما، أنه كان يعطي صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَنْ جَمِيعِ أَهْلِهِ كَبِيرِهِمْ وَصَغِيرِهِمْ عَمَّنْ يَعُولُ وَعَنْ رَقِيقِهِ وَعَنْ رَقِيقِ نِسَائِهِ. وقد رواه ابن أبي شيبة، رحمه الله، في مصنفه، والدارقطني في سننه وهذه روايته.
واستدلوا بحديث ابن عمر، رضي الله عنهما، أيضا: "أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقة الفطر عن الصغير والكبير والحر والعبد ممن تمونون"، وقوله: "أمر": نص في الأمر وهو حقيقة في الوجوب، كما سبقت الإشارة إلى ذلك، وقوله: "ممن تمونون": نص في محل النزاع، لأن مؤونة الزوجة على زوجها.
وقد حسن الشيخ الألباني، رحمه الله، إسناد هذا الحديث، بمجموع شواهده، ورجح بعض أهل العلم: ضعفه، لأن مخرج هذه الشواهد واحد، ومن شروط تقوية الحديث بالشواهد: أن تكون هذه الشواهد مختلفة المخرج، لئلا تؤول في النهاية إلى رواية واحدة حملها أكثر من راو عن نفس الشيخ، والرواية لا تصلح لتقوية نفسها.
ورجح الشيخ ابن عثيمين، رحمه الله، قول الأحناف والظاهرية، رحمهم الله، ولكنه لم يمنع إخراجها عن الزوجة ومن تلزمه نفقتهم برضاهم.
وهي تجب على الصغير من ماله، إن كان له مال، أو من مال من تلزمه نفقته، ولو لم يكن من أهل الصيام، بأن كان رضيعا أو صغيرا غير مميز أو مميزا لم يبلغ، فهي من هذا الوجه: من قبيل الأحكام الوضعية التي لا تتعلق بفعل المكلف على جهة التعبد، فتكون واجبة في ماله، أو مال وليه، كوجوب سداد قيم ما أتلفه، وإن كان غير متعمد، لأن ضمان المتلفات إنما يقع على جهة الوضع لا التكليف.
وأما الجنين فقد وردت آثار عن عثمان، رضي الله عنه، وسليمان بن يسار، رحمه الله، فيها وجوب أداء زكاة الفطر عن الجنين إذا بلغ: 120 يوما، وهو قول ابن حزم، رحمه الله، وكأن مناط المسألة عنده: تحقق الحياة ولو حكما، فمتى وجدت في: جنين أو رضيع أو صغير ............ إلخ، وجبت زكاة الفطر، وإن لم يكن من أهل التكليف أصلا.
ورأى بعض أهل العلم إخراجها عن الجنين إذا بلغ: 40 يوما.
¥