[أحمد والزواج من ألمانية]
ـ[أبو أحمد العجمي]ــــــــ[14 - 10 - 2007, 12:40 ص]ـ
(منقول/ وبالجملة فالقصة هادفة ولا تخلو مما ينتقد،،،)
جلس أحمد متوترا أمام ابن أخته وهو يخبره عن رغبته في الزواج من زميلته الألمانية، يخبره عمّا تتصف بها من حسنات، عن عقلها، عن جمالها، والأدهى من هذا كله، يخبره أنّه سينهج نهجه في الزواج من غير عربية.
مرّت على أحمد بعد هذا الخبر ليلة لم يعرف فيها طعم النوم، وهو يرى ابن أخته يتّخذ منه مثلا أعلى وقدوة، وما إن بزغ النور حتى قام إلى ابن أخته الذي أتى من بلاده للدراسة في هذا البلد الأوروبي، وحيث وافق أهله ورحبوا لأنّه سيكون في بيت خاله وتحت رعايته.
استدعاه إلى مكتبه وأحكم إغلاق الباب .. تعجّب الشاب من تصرفات خاله، لكنّه أخفى استغرابه وانتظر ليرى سبب ذلك، أجلسه خاله وجلس على أريكة مقابلة له.
فترة من الصمت سادت بينهما، كان الخال فيها متوتّرا لا يعرف من أين يبدأ، والشاب متلهّف ينتظر .. وبعد أن استجمع أحمد بقايا شجاعته، قرّر البدء بالكلام، بلع ريقه، ثم نظر في عينيّ ابن أخته وقال:
اسمع يا بني، وانتبه جيدا إلى القصة التي أريدك أن تعيها بعقلك قبل قلبك.
في يوم من الأيام، كان هناك شاب مجتهد حصل على منحة دراسية في بلد أعجمي، كان هذا الأمر أقصى أحلامه، فرحته حينها لم توازها فرحة،ولم يهتم وقتها لبكاء أمّه وتوسّلاتها، ولا لوصايا والده .. كانت بلاد الأعاجم تتراءى له أمام مخيلته كعروس في أبهى حلّة تغريه إليها فتطغى صورتها على كل ماعداها.
ترك بلده وسافر وهو يحلم بالشهادة التي سينالها، وبالمركز الذي سيحظى به بعدها، ووصل إلى البلد المنشود .. بلد كل ما فيه غريب عليه، النظام، الناس، واللغة .. ولكن ما ان انخرط في الدراسة حتى اندمج مع هذا البلد ومع أهله،
وما كان يتعبه فيه إلا فتياته الكاسيات العاريات، ذوات الجمال الأخاذ، أولئك اللاتي ما كن يعرفن للأخلاق من سبيل، وكان يتعبه تحصنه وتمسكه بدينه وابتعاده عن الوقوع في هوّة الحرام، خاصّة بعد أن شاهد الكثير من أصحابه المسلمين يتهاوون في مكائد الشيطان فيبيعون دينهم لعرض من الدنيا ..
وصار يرتاد مسجدا قريبا من داره يقضي فيه شطرا من وقته يهرب به من رغبات النفس ووساوس الشيطان.
فتعرف هناك على إمام المسجد الذي كان من بلد آسيوي، وصارت بينهما علاقة أخوة في الله، ولم يشعر هذا الشاب إلا وقد تزوج من قريبة هذا الإمام، بعد أن نصحه بأن الزواج هو الحل الأفضل له،وأنه ما زال في سنته الأولى ومازالت أمامه سنوات دراسة، فإن تمكّن الآن من الذود بنفسه من براثن الفتنة فهل سيتمكن غدا؟؟
كانت الفتاة طيبة تعمل في سلك التدريس، وافق عليها وفرح بها أيما فرح، أرسل إلى أهله يخبرهم عنها وعن نيته بالاقتران بها، وما كان يتصوّر ردّة فعل الأهل حينما عرفوا، أرسل والده يطالبه بالعودة الفورية إلى الوطن وإكمال الدراسة هناك، وأرسلت الأم تعرض عليه من تعرفه من فتيات الأقرباء والأصدقاء، كلّ هذا ما كان ليثنيه عن عزمه وعما كان يراه وقتها صحيحا، واقترن بها رغم رفض أهله وإصرارهم على ألا يتزوج بغريبة، فهو كان يرى في كلامهم تخلّفا ورجعية ..
سنوات أعقبت زواجه وهو يعتقد نفسه من أسعد السعداء، ولم لا؟؟ فهو كان ناجحا في دراسته، ولديه زوجة جميلة تشبع رغبات الجسد وتساعده بعملها في تحمّل تكاليف الحياة، ورزقه الله بولدين، فرح بهما فرحا شديدا رغم أن وقته ماكان يسمح له أن يكون معهما كما يكون الأب مع أولاده، فالدراسة والعمل كانا يأخذان منه جلّ وقته، وكلّ اهتمامه، فأوكل أمر تربيتهما لزوجته ولوالدتها أثناء غياب الزوجة في العمل، وكان يوطّن النّفس أنه لا بد سيأتي اليوم الذي يتفرّغ فيه للأولاد فيعلمهم اللغة العربيّة التي يجهلونها، ويعلم زوجته أيضا لغّة القرآن حتى يمكنهم التخاطب جميعا باللغة العربية ويهجرون الانكليزية فلا يستعملونها إلا خارج البيت. لكنه كان حلما يا بنيّ لم ير النور.
مرّت السنوات، ونال شهادة الدكتوراه وبعدها شهادة خبرة، وبعد عشر سنوات من الغربة وترك الوطن قرر العودة إلى بلده ...
¥