تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[تابع شرح الحديث المدهش ج 4]

ـ[أبو همس]ــــــــ[30 - 10 - 2007, 10:35 م]ـ

إذا سألت فاسأل الله:.

السؤال لله هو دعاؤه والرغبة إليه، والدعاء هو العبادة قال تعالى: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم} فأما السؤال فقد أمر الله بمسألته فقال: {واسألوا الله من فضله} وفي الحديث:" سلوا الله من فضله فإن الله يُحب أن يسأل ".

وسؤال الله تعالى دون خلقه هو المتعين؛ لأن السؤال فيه إظهار الذل من السائل والمسكنة والحاجة والافتقار، وفيه الاعتراف بقدرة المسئول على دفع هذا الضرر وجلب المنافع، ولا يصلح ذلك كله إلا لله. وقد كان الإمام أحمد يقول في دعائه: اللهم كما صُنت وجهي عن السجود لغيرك فصُنه عن المسألة لغيرك ....

وليعلم العبد أنه لا يقدر على كشف الضر إلا الله لقوله تعالى: {وإن يمسسك الله بضرٌ فلا كاشف له إلا هو، وإن يردك بخير فلا راد لفضله} .. والله يُحب أن يُسأل والمخلوق بخلاف ذلك.

وفي حديث قال صلى الله عليه وسلم:" ليسأل أحدكم حاجته كلها حتى يسأله شسع نعله إذا انقطع "

وكان الصحابة يسقط سوط أحدهم وخطام ناقته فلا يسأل أحداً أن يناوله إياه.

قال الشاعر:

لا تسألنُّ بني آدم حاجةً وسَل الذي أبوابه لا تُحجَبِ

وإذا استعنت فاستعن بالله:.

أي اللجوء لله والاستعانة به في قضاء الحوائج، فالاستعانة بالله دون غيره من الخلق؛ لأن العبد عاجز عن الاستقلال بجلب مصالحه ودفع مضاره،ولا مُعين له على مصالح دينه ودنياه إلا الله، فمن أعانه فهو المُعان، ومن خذله فهو المخذول، وقد ورد في الحديث:" احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز " .. ومن ترك الاستعانة بالله واستعان بغيره وكله الله إلى من استعان به.

" واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك " المراد أن ما يصيب العبد في دنياه مما يضره أو ينفعه فكله مقدر عليه ولا يصيب العبد إلا ما كتب له من ذلك في الكتاب، ولو اجتهد على ذلك الخلق كلهم قال تعالى: {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا}. وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله:" إن لكل شيء حقيقة، وما بلغ عبدٌ حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه ".

وجميع ما سبق متفرع عن هذه الحقيقة، فإن العبد إذا علم أنه لن يصيبه إلا ما كُتب له من خير وشر وعلم أن الله هو الضار النافع أوجب ذلك على العبد توحيد ربه، وإفراده بالطاعة، وحفظ حدوده، وحتى في أمور السحر التي يعتقد فيها العبد أن الساحر له منفعة ومضرة، وأن بيده أن يغير شيئاً فإنه لا يستطيع أن يضر أو ينفع إلا بأمر الله قال تعالى: {فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه، وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله} .. قال أحد الصالحين: لو قُرض جسمي بالمقاريض أحبُّ إليَّ من أقول لشيء قضاه الله ليته لم يقضه.

وقال سعيد المري: منذ أربعين سنة ما أقامني الله تعالى في شيء فكرهته، ولا نقلني إلى حال فسخطته.

اصبر ففي الصبر خير لو علمت به لكنت باركت شكراً صاحب النعم

واعلم بأنك إن لم تصبر كرماً صبرت قهراً على ما خُط بالقلم

رفعت الأقلام وجفت الصحف:.

كناية عن تقدم كتابة المقادير كلها والفراغ منها من أمدٍ بعيد، وقد دلت على ذلك كثير من الآيات والأحاديث منها: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير} .. وقوله صلى الله عليه وسلم:"إن أول ما خلق الله القلم ثم قال: اكتب فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة ".

(هذا ما تيسر في ج4 ولنا عودة فتابعونا)

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير