[الاعتداء في الدعاء تعريفه وبعض صوره]
ـ[أحمد الفقيه]ــــــــ[27 - 09 - 2007, 12:04 ص]ـ
الاعتداء في الدعاء
والاعتداء في الدعاء عرّفه ابن القيم رحمه الله بقوله:
" كل سؤال يناقض حكمة الله أو يتضمن مناقضة شرعه وأمره أو يتضمن خلاف ما أخبر به فهو اعتداء لا يحبه الله ولا يحب سائله "، وقد فسره رحمه الله "بأن يسأل ما لا يجوز له سؤاله من الإعانة على المحرمات وتارة بأن يسأل ما لا يفعله الله مثل أن يساله تخليده إلى يوم القيامة أو يسأله أن يرفع عنه لوازم البشرية من الحاجة إلى الطعام والشراب أو يسأله أن يطلعه على غيبه أو يساله أن يجعله من المعصومين أو يسأله أن يهب له ولدا من غير زوجة ولا أمة ونحو ذلك مما سؤاله اعتداء".ا. هـ (بدائع الفوائد3/ 13)
ألا وإنّ مما ابتليت به الأمة في بعض الأمصار من محدثات في طريقة الدعاء أو في ألفاظ الأدعية حتى رأينا وسمعنا ألوانا منها صعب علينا إحصاؤها فضلاً عن إنكارها، وربما توارثها الناس جيلاً بعد جيل إلى أن استقر الأمر عند بعضهم أنها من السنة وهي ليست كذلك، فإذا تُركِت قيل: تُركت السنة
فمن الإعتداء في الدعاء تلك الأدعية التي تحوي في ثناياها ألفاظاً أو جملاً محذورة أو مُوهِمَة و مخالفة للشرع بل في بعضها ما يقدح في التوحيد ويخدش في الإيمان فمن ذلك:
1ـ قول بعضهم في الدعاء (في السماء مُلكك، وفي الأرض سلطانك، وفي البحر عظمتك ... )
وقد سُئِلَت اللجنة الدائمة للإفتاء عن هذه العبارة فكان الجواب:
"أما العبارة المذكورة في السؤال فتركها أولى؛ لأن فيها إيهاماً فقد يظن منها البعض تخصيص الملك بالسماء فقط، أو السلطان بالأرض فقط، وهكذا.وعظمة الله وملكه وسلطانه وقهره عام في جميع خلقه ".ا. هـ 26/ 369.
2ـ قول بعضهم (يا من لا تراه العيون، ولا تخالطه الظنون، ولا يصفه الواصفون ... الخ).
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله (14/ 143) في جوابه عن حكم مثل هذا الدعاء فقال:" هذه أسجاع غير واردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفيما ورد عنه من الأدعية ما هو خير منها من غير تكلف. والجملة الأولى: (يا من لا تراه العيون) إنْ أراد في الآخرة أو مطلقاً فخطأ مخالف لما دَلَّ عليه الكتاب والسنة وإجماع السلف الصالح مِن أنَّ الله تعالى يُرَى في الآخرة، وإنْ أراد في الدنيا فإنَّ الله تعالى يُثنى عليه بالصفات الدالة على الكمال والإثبات لا بالصفات السلبية. والتفصيل في الصفات السلبية بغير ما ورد من ديدن أهل التعطيل. فعليك بالوارد، ودع عنك الجمل الشوارد. "ا. هـ.
* وقال العلامة الفوزان عن هذا الدعاء: أما ما ذُكر في السؤال؛ فلم يَرِد في كلام الله وكلام رسوله فيما أعلم؛ فلا ينبغي الدُّعاء به. وأيضًا في كلمة: (لا يصفه الواصفون)! نظرٌ ظاهرٌ؛ لأنّ الله سبحانه يُوصف بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، وربما يكون هذا اللفظ منقولاً عن نفاة الصِّفات. (المنتقى1/ 49).ا. هـ.
3 - قول بعضهم (يا من أمره بين الكاف والنون).
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في شرح الأربعين النووية ص76: وبهذه المناسبة أَوَد أن أُنبه على كلمة دارجة عند العوام حيث يقولون (يامن أمره بين الكاف والنون) وهذا غلط عظيم، والصواب: (يا من أمره بعد الكاف والنون) لأن مابين الكاف والنون ليس أمراً، فالأمر لا يتم إلا إذا جاءت الكاف والنون؛ لأن الكاف المضمومة ليست أمراً والنون كذلك، لكن باجتماعهما تكون أمراً. اهـ.
4 - قول بعضهم (يا فرد يا صمد).
وقد سئل العلامة الفوزان: هل يوصف الله تعالى بالقِدَم؛ كأن يقول القائل: يا قديم! ارحمني! أو ما أشبه ذلك؟ وهل الفرد من أسماء الله تعالى؟ أفتوني مأجورين.
الجواب: ليس من أسماء الله تعالى القديم، وإنما من أسمائه الأول، وكذلك ليس من أسمائه الفرد، وإنما من أسمائه الواحد الأحد؛ فلا يجوز أن يقال: يا قديم! أو: يا فرد! ارحمني! .... الخ (المنتقى1/ 27).
وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء المجموعة الثانية 2/ 353 مانصه: هل الفرد اسم من أسماء الله تعالى؟ الجواب: أسماء الله تعالى توقيفية، و (الفرد) لم يرد في القرآن ولم يثبت في السنة، وعليه لا يسمى الله تعالى به، وإنما يخبر عنه به فقط.
5ـ قول بعضهم (اللهم عليك باليهود ومن هاودهم).
¥