تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

نحتاج إلي صبر سائقي الميكروباص، وإصرار السرّاق

ـ[أبو الفداء المصري]ــــــــ[30 - 08 - 2007, 08:06 ص]ـ

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، جعل العاقبة للمتقين، والخزيَ والندامة للظالمين المعتدين، وأشهد أن لا إله هو، جعل الفلاح للمؤمنين الصابرين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله خاتم الأنبياء والمرسلين، وخير الثابتين علي الدين، وبعد:

عجيب هو أمر سائقي الميكروباص والسارقين، عجيب هو ثباتهم ونضالهم من أجل عملهم، تري السائق تُسحب منه رخصة السيّارة و تؤخذ منه سيارته، ولابد أن يدفع غرامة أو رشوة باهظة الثمن كي يسترجعهما، ومع ذلك يستمر في عمله ويصبر، ويجتهد أكثر من المرة السابقة، ويُسارع في عمله ويكثر منه كل يوم لعلمه بقدوم اليوم الذي سيُبتلي فيه مرات أخري، ولسان حاله يقول: ماذا أفعل هذه حياتي وصنعتي، ولا أستطيع العيش من غيرها.

وعجيب أيضاً هو حال السارقين الآثمين، يُسجنون ويُضربون ويُعذّبون عقاباً لهم علي سرقاتهم، ثم يُفرج عنهم، وبعد ذلك تجدهم يخرجون ويعاودون عملهم، ويسرقون الناس، علي الرغم مما ذاقوه من ويلات، ثم يؤخذون ويُحبسون فترات طويلة، ثم يُطلقون، والعجيب أنهم يعودون لسابق عهدهم ولا يمَلون، ومنهم من يقول: السرقة تجري في دمي ولا أستطيع العيش دونها.

وعجيب هو و الله حال المستقيمين، يؤخذون ويُعذبون، ولكن ليس كسابقيهم، فهو عذاب في الله، عذاب من أجل غربتهم واستقامتهم، عذاب من طابع خاص، عذاب بعده يشعر المرء بقوة إيمان إذا صبر عليه، ولكن ليس هؤلاء من أعجبُ من حالهم، ولكني أعجب من الذين لا يصبرون بعد البلاء، ألا يعلمون أن هذه سنة الله في المؤمنين في كل زمان ومكان؟، ماذا فعُل بنوح عليه الصلاة والسلام؟، كيف كانت حالته في دعوة قومه؟ , وأين هو الآن؟، وأين قومه الكافرون؟، وأين هود وصالح وموسي؟، وأين أقوامهم الآن؟، أين نبينا محمد صلي الله عليه وسلم وصحبه رضي الله عنهم؟، وأين مشركو قريش والمنافقون؟، هذه سنة كونية لا تنقطع عن عباد الله المؤمنين، فمن أراد أن يصل فلابد أن يصبر علي حوادث الطريق.

يا حسرة قلبي حين أري جلد الكافرين والفاسقين و وهن المؤمنين والصاحين، يسعي الكافرون لنشر مذاهبهم الباطلة، ويكد الفاسقون لنشر فسقهم، ويقعد المؤمنون ولا ينشرون مذهبهم، لذلك هان عليهم وكانوا هم أول تاركيه. إلا من رحم الله من عباد مؤمنين صابرين لا تضرهم فتنة مادامت السموات والأرض.

الثبات الثبات عباد الله، فالله اسمه الخبير الحكيم، وهو يعلم ما يصلحنا أكثر منا، فحين نُبتلي فذلك خير لنا ولا يسعنا إلا أن نصبر فنحن نريد الوصول إلي الله، الوصول إلي جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين الصابرين، فنحن نحب الله ونحب رسوله ودينه ولا نرضي عنهم بديلاً، فياربنا أنت تعلم أنا نحبك ونحب دينك و رسولك وعبادك المؤمنين، فتقبل أعمالنا واعفُ عن سيئاتنا وأدخلنا مع الأبرار يا حليم يا غفار.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير