تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[أهمية اللغة العربية]

ـ[أبو محمد عبدالله]ــــــــ[02 - 10 - 2007, 03:36 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أما بعد فإن من ألطاف الله تعالى ونعمته ورحمته أن جعل للناس لسانا يتفاهمون به، فإن الناس يحتاج بعضهم لبعض ولا يمكن أن يقوم أحد منهم بحاجته دون بعض، ولا يمكن أن يستقل منهم إنسان بقضاء أموره ولا بأداء مهماته إلا إذا وجد من يساعده على ذلك، ومن هنا احتاجوا إلى التفاهم فيما بينهم والتعارف، فجعل الله لهم وسائل للتعارف ومن أعظمها الأنساب حيث قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} وجعل لهم وسائل للتفاهم وأعظمها اللغات ولهذا ربط الله بين الألوان واللغات وبين خلق السماوات والأرض في قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ} فالبشر لا يمكن أن يتفاهموا إلا عن طريق وسائل الحس، إلا عن طريق الحواس الخمس، لأن وسائل العلم لدى الإنسان ثلاثة، هي العقل والروح والحس، فالعقل لا يمكن أن يتفاهم الناس عن طريقه لأنه من الأمور المعنوية غير الحسية، والأرواح كذلك يمكن بها التعارف لكن لا يمكن بها التفاهم، ولهذا حصل التعارف بينها في عالم الذر كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري تعليقا في الصحيح وأخرجه مسلم مسندا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف» لكن التفاهم إنما يتم عن طريق إحدى هذه الحواس، وهذه الحواس مدركاتها هي المسموعات والمبصرات والملموسات والمشمومات والمذوقات، وقد جعل الله تعالى أصناف الحيوان تتفاهم عن طريق هذه الوسائل، فمن الحيوانات ما يتفاهم عن طريق إفراز رائحة يحصل بها التفاهم والتعارف بفطرة الله لها على ذلك، كالنحل وغيره من الحيوانات، ومنها ما يمكن تفاهمه عن طريق السمع وما يمكن تفاهمه عن طريق البصر بالإشارات والحركات وما يمكن تفاهمه عن طريق اللمس، لكن الذوق لا يمكن أن يحصل التفاهم عن طريقه لأن الطعوم محصورة وقد صرح العلماء بأن أنواع الطعوم خمسة هي الحلاوة والمرارة والمزية والملحية والتفاهة، فهذه خمس هي أصل الطعوم كلها، أما المرئيات والمشاهدات وكذلك المسموعات فهي كثيرة جدا يمكن التفاهم عن طريقها، وبهذا تخلص لنا جارحتان للتفاهم فيما بين الإنسان، فالتفاهم بين بني آدم لا يتم إلا عن طريق السمع أو عن طريق البصر، أما عن طريق السمع فإنهم بالإمكان أن يسمعوا الكلام، وأما عن طريق البصر فإنهم بالإمكان أن يقرءوا الكتابة أو أن يفهموا الإشارات، وهاتان الوسيلتان يمكن أن تفيا بمقصود الإنسان، لكن جعل الله بعض بني آدم عميا وجعل بعضهم صما، فالعميان لا يمكن أن يتفاهموا عن طريق البصر مع غيرهم، والصم لا يمكن أن يتفاهموا عن طريق السمع مع غيرهم، فبقي التوازن بين هاتين الحاستين، لكنه جعل الزمن أيضا مقسوما بين ليل ونهار، وقد محا الله آية الليل وجعل آية النهار مبصرة، وبذلك ازدادت نسبة العميان في البشر بوجود الليل، فكان إذا التفاهم عن طريق السمع أقوى وأوسع من التفاهم عن طريق البصر، ومن هنا جعل الله هذه اللغات هي أساس التفاهم بين الناس، وقد علم آدم الأسماء كلها كما أخبر بذلك في كتابه: {وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا}، وهذا التعليم اختلف فيه الناس هل كان عن طريق الوحي والتوقيف، أو كان عن طريق الإلهام والإلقاء، وكل ذلك ممكن والله سبحانه وتعالى لا يعجزه شيء، لكن اتفق الناس على أن ما يتجدد من دلالات الألفاظ وما يطرأ من المجازات إنما هو عن طريق الإلهام ويضع الله القبول على بعض المصطلحات فتشيع بين الناس، ومن هنا فكل جديد يطلق الناس عليه عدة أسماء باعتبار أذواقهم، ولكنه سيثبت له اسم واحد يضع الله عليه القبول بين غيره من الأسماء، عندما صنع أول جهاز كمبيوتر في الولايات المتحدة في جامعة بنسلفانيا سمي في البداية

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير