[عن أسماء الباري عز وجل وصفاته]
ـ[مهاجر]ــــــــ[10 - 09 - 2007, 07:41 م]ـ
السلام عليكم
كل عام وأنتم بخير أيها الكرام.
خطر لي، بمناسبة دخول هذا الشهر الكريم، ألهمنا الباري عز وجل فيه تقوى النفس وإخلاص النية وإحسان العمل، أن أشارك بنبذات عن أسماء الله، عز وجل، على هيئة مشاركات يومية موجزة تستغرق أيام الشهر الكريم، إن شاء الله، بحيث يتم التعرض للأسماء الثابتة، ببيان موجز، ومصدري الرئيسي في ذلك كتاب: "أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة"، للشيخ الدكتور: محمود عبد الرازق، حفظه الله، أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة في جامعة الملك خالد، فالمشاركات ستكون، إن شاء الله، تلخيصا لما ذكره الشيخ الكريم في كتابه، مع بعض الإضافات البسيطة من مصادر أخرى، أسأل الله، عز وجل، أن يعينني على إتمامها، وأن ينفع بها.
وقبل الشروع فيها مع بداية الشهر الكريم، إن شاء الله، تجمعت لي بعض القواعد التي ذكرها العلماء لاستنباط أسماء الله، عز وجل، الحسنى، وصفاته العلى، وهي، أيضا، مستفادة بالدرجة الأولى من كتاب "أسماء الله الحسنى"، والمشاركات، وإن كانت ستركز على الأسماء الحسنى بالدرجة الأولى، إلا أن التعرض للصفات ببعض البيان، لازم في هذا المقام، لأن الأسماء الحسنى، كما قد علم، من وصفها: حسنى، أي أنها متضمنة لمعاني الكمال المطلق التي لا يتطرق إليها النقص بأي وجه من الوجوه، فهي ليست كأسمائنا: أعلاما محضة دالة على ذواتنا، وإن اتصفنا بضد ما تدل عليه من معان، وإنما هي: أعلام وأوصاف، أعلام دالة على الذات القدسية، وأوصاف كمال مطلق قائمة بها، فالارتباط بين الأسماء والصفات وثيق، فلا ينفك الاسم دالا على صفة كمال، لا العكس، فلا يلزم من ثبوت الصفة ثبوت اسم بعينه دال عليها، فباب الصفات أوسع من باب الأسماء، كما هو مبسوط في المصادر التي تتعرض لهذا البحث الجليل.
وقد يكون في ذكر هذه القواعد نوع بسط يقتضيه المقام، ولذا حسن إيرادها قبل دخول الشهر الكريم، إن شاء الله، لكي لا يحصل الملل خلال أيام الصيام، وهي تستوعب الأيام الثلاثة الباقية على بداية الشهر، بحيث تكون البداية، مع انطلاق الشهر، إن شاء الله، مع لب الموضوع ومعدن الفائدة.
وبداية مع:
شروط استنباط الأسماء الحسنى:
الشرط الأول: ثبوت النص في القرآن أو صحيح السنة:
ودليل ذلك قوله تعالى: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا)، ووجه الدلالة أن: "أل" في "الحسنى": للعهد، لأنها اتصلت بصيغة: "أفعل" التفضيل، والمعهود لابد أن يكون موجودا، فهي موجودة ثابتة، وثبوتها توقيفي على الراجح من أقوال أهل العلم، لأنها مما لا يقال فيه بالرأي، وهذا مما احتج به أبو الحسن الأشعري، رحمه الله، على الجبائي، لما منع تسمية الله، عز وجل، بـ: "العاقل"، وهذا حق، ولكنه لم يرد الأمر إلى توقيفية الأسماء، وإنما رده لعقله، فقال لأن "العاقل" مشتق من عقال البعير الذي يمنعه، ومن ثم استعير للعقل الذي يمنع صاحبه من ارتكاب الحماقات، وهذا المعنى في غاية البطلان، إذا ما قيل في حق الله، عز وجل، فلزم من ذلك منعه، فألزمه أبو الحسن، رحمه الله، أن يمنع إطلاق اسم "الحكيم" على الباري، عز وجل، لأنه مشتق من حكمة البعير، ومنه قول الشاعر:
القائد الخيل منكوبا دوابرها ******* قد أحكمت حكمات القد والأبقا
وهذا إلزام صحيح، فلما استفهم الجبائي عن ذلك، رد أبو الحسن، رحمه الله، الأمر إلى توقيفية هذا الباب، فالرب، جل وعلا، أخبر في كتابه، وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم أن من أسمائه الحسنى: "الحكيم"، فلزمنا الإيمان بذلك، ولم يخبر إثباتا أو نفيا أن اسمه: "العاقل" فوجب التوقف في إثباته أو نفيه، لأن الباب، كما تقدم، توقيفي على الراجح من أقوال أهل العلم.
والنص هنا يشمل:
الوحي المتلو المعجز النظم وهو: الكتاب.
والوحي غير المتلو وهو: الحديث بشقيه: المتواتر والآحاد، والاحتجاج بأحاديث الآحاد في المسائل العلمية فيصل بين أهل السنة من جهة، والجهمية ومن تأثر بهم من المعتزلة والمتكلمين من جهة أخرى:
¥