[من غرر الوصايا: وصية سفيان الثوري لسليمان بن عيسى، رحمهم الله.]
ـ[معالي]ــــــــ[27 - 09 - 2007, 09:09 ص]ـ
السلام عليكم
وصلت هذه الدرة إلى بريدي من طريق أخت لنا تقطن إحدى بلدان أوروبا، ولها معنا في الفصيح مشاركات، غير أني نسيت المعرف الذي تكتب به؛ لطول عهد الفصيح بها، وأرجو الله أن يعيدها إلينا قريبا.
تأملتُ هذه الكلمات الرائعة، ودعوت لمرسلتها بخير، ثم رأيتُ ألا يُحرم من لم يقرأها من أهل دارنا من خيرها العظيم.
نفع الله بها، ورحم صاحبها، وجزى مرسلتها خير الجزاء.
قال سليمان بن عيسى: قال لي سفيان الثوري رحمه الله:
"أما بعد، عافانا الله وإياك من سخطه وأعاذنا من النار برحمته, فأوصيك بتقوى الله واحذر عقابه, وأن تجهل بعد إذ علمت فتهلك, وأن تهلك بعد إذ عرفت, وأن تعمى عن الهدى بعد إذ بصرت, وتدع الطريق بعد إذ وضح لك, وتغتر بأهل الباطل بطلبهم الدنيا وحرصهم عليها وجمعهم إياها؛ فإن القول فيها شديد والخطر عظيم والأجل قريب. وكأن قد كان ما تحذر فتفرغ, وفرغ قلبك ثم الجد الجد و الوحاء الوحاء (1) والهرب الهرب.
فارتحل إلى الآخرة قبل أن يُرحل بك, واستقبل رُسُل ربك بما تحب أن تُستقبل به وانكمش في أمورك واشدد مئزرك, وقدم جهازك من قبل أن يُقضى قضاؤك ويحال بينك وبين ما تريد. فقد وعظتك, بما وعظت به نفسي, والتوفيق من الله ومفتاح التوفيق الدعاء, والتضرع, والاستكانة, والندامة على ما فرطت في أمرك, ولا يضع حقك من هذه الأيام والليالي.
وأسأل الله الذي منّ علينا بمعرفته ألا يكلنا وإياك إلى أنفسنا، وأن يتولى منا ومنك ما يتولى من أوليائه وأحبابه، ثم إياك وما يفسد عليك عملك فإنما يفسد عليك عملك الرياء؛ فإن لم يكن رياء فإعجابك بنفسك، حتى يخيل إليك أنك أفضل من أخ لك، وعسى ألا تصيب من العمل مثل الذي يصيب، ولعله أن يكون هو أورع منك عما حرم الله، وأزكى منك عملا، فإن لم تكن معجبا بنفسك فإياك أن تحب محمدة الناس، ومحمدتهم أن تحب أن يكرموك بعملك، ويروا لك به شرفا ومنزلة في صدورهم أو حاجة إليهم في أمور كثيرة، فإنما تريد بعملك زعمت وجه الدار الآخرة لا تريد به غيره، فكفى بكثرة ذكر الموت مزهدا في الدنيا، ومرغبا في الآخرة، وكفى بطول الأمل قلة خوف وجرأة على المعاصي، وكفى بالحسرة والندامة يوم القيامة لمن كان يعلم ولا يعمل."
(1) قال ابن منظور في (لسان العرب) (15/ 381 - 382)
الوحى: العجلة يقولون:
الوحى الوحى ... الوحاء الوحاء
يعني البدار البدار , والوحاء الوحاء يعني الإسراع فيمدونهما ويقصرونهما
إذا جمعوا بينهما فإذا أفردوه مدوه ولم يقصروه.
ـ[د. سليمان خاطر]ــــــــ[27 - 09 - 2007, 03:38 م]ـ
من الدرر الغوالي، فبارك الله فيك يا معالي وفي صاحبتك ورحم الله سلفنا الصالح.
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[27 - 09 - 2007, 05:23 م]ـ
بارك الله فيك اختي الكريمة على هذا النقل الجميل والبليغ نفع الله بك وبصديقتك.
ـ[معالي]ــــــــ[29 - 10 - 2007, 09:32 ص]ـ
شكر الله لكما مروركما الضافي، وجزاكما خيرا.
ـ[خالد الصافي]ــــــــ[29 - 10 - 2007, 11:42 ص]ـ
بارك لكم وبارك الله في علمائنا وجمعنا وإياهم بجوار الحبيب المصطفى
ـ[أبو طارق]ــــــــ[29 - 10 - 2007, 04:51 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزى الله الأخت خير الجزاء
وجزاك الله خيرًا على نقلكِ الطيب