[يا خسارة الأدب ... مات علي الطنطاوي]
ـ[ابن مدلج الميزاني]ــــــــ[05 - 09 - 2007, 10:16 م]ـ
::: جاءني مرةً (وكنت في عنفوان الشباب أكتب في أوائل كتابتي في الرسالة عام 1933) ثلاثةٌ من الغرباء عن البلد , لم يعجبني شكلهم ولم يطربني قولهم , فوقفت على الباب أنظر إليهم فأرى الشكل يدل على أنهم غلاظ , وينظرون إليَّ فيرون فيَّ " ولداً ". فقالوا: هذه دار فضيلة الشيخ الطنطاوي؟ قلت كارهاً: نعم. فقالوا: الوالد هنا؟ قلت: لا. قالوا: فأين نلقاه؟ قلت: في مقبرة الدحداح , على الطريق المحاذي للنهر من جهة الجنوب. قالوا: يزور أمواته؟ قلت: لا. قالوا: إذنْ؟ قلت: هو الذي يُزار ... فصرخ أحدهم في وجهي صرخةً أرعبتني وقال: مات؟ كيف مات؟ قلت: جاء أجله فمات. قالوا: عظم الله أجركم , إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون , يا خسارة الأدب! قلت: إن والدي كان من أجلِّ أهل العلم ولكن لم يكن أديباً. قالوا: أنت مسكينٌ لا تعرف أباك!
وانصرفوا وأغلقت الباب , وطفقتُ أضحك وحدي مثل المجانين. وحسبت المسألة قد انتهت , فما راعني العشية إلاَّ الناس يتوافدون عليَّ فأستقبلهم , فيجلسون صامتين إن كانوا لا يعرفون شخصي , ومن عرفني ضحك وقال: ما هذه النكتة السخيفة؟ قلت: أيُّ نكتة؟ فأَخَرَج أحدهم الجريدة وقال: هذه , هل تتجاهل؟ فأخذتها وإذا فيها: " نعي الكاتب الـ ... كذا وكذا علي الطنطاوي "!
من كتاب: (من حديث النفس) للطنطاوي
ـ[همس الجراح]ــــــــ[07 - 09 - 2007, 07:26 ص]ـ
كان الشيخ الطنطاوي ذا ذاكرة رائعة لا ينسى زائره ولو رآه بعد سنوات طويلة.
فقد حدثني أحد تلاميذه (الشيخ الدكتور منير الغضبان) أنه أخذ معه إلى دار الشيخ علي الطنطاوي أخاه الكبير الدكتور ياسين الغضبان في دمشق عام خمسة وستين وتسع مئة وألف، ثم رآى الشيخ علي الطنطاوي ياسيناً بعد خمسة وعشرين عاماً في مكة فقال له حين رآه: أنت ياسين الغضبان، ألست كذلك، زرتني وأخوك في دمشق قبل خمسة وعشرين عاماً.
وهناك قصص كثيرة تروى في هذا الصدد.
ـ[همس الجراح]ــــــــ[07 - 09 - 2007, 07:36 ص]ـ
ولأن الشيخ الطنطاوي درس العلوم الشرعية في صباه في المدرسة الشرعية (الخسروية) في حلب كان زميلاً للشيخ المرحوم محمد السلقيني، يخبرني الشيخ الدكتور عبد الله السلقيني نجل الشيخ محمد أنه كان يسعى بين الصفا والمروة - ولم يكن قد التقى الشيخ الطنطاوي - وكان الشيخ علي الطنطاوي يجلس بين الميلين، فنظر إلى الشيخ عبد الله وقال له: أسرع يا ابن السلقيني وتنشط ..
عرف الدكتور عبد الله الشيخَ الطنطاويَّ فوراً حين نظر إليه فالملايين تحضر دروسه الممتعة في تلفزيون المملكة في الستينات من القرن الماضي، فلما أنهى سعيه عاد إلى الشيخ الطنطاوي وقال له: يا سيدي أنا فعلاً ابن الشيخ محمد السلقيني، فكيف عرفتني؟
رد الشيخ على الطنطاوي رحمه الله: إنك تشبه أباك يا ولدي.
ويذكر الدكتور عبد الله السلقيني أن الشيخ الطنطاوي حتى تلك الحادثة كان قد مر عليه أكثر من عشرين عاماً لم يلتق فيها زميله الشيخ السلقيني.
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[07 - 09 - 2007, 07:26 م]ـ
أسعدكم الله على هذه الكلمات اللطيفة ورحم الله الشيخ الطنطاوي فقد كان خفيف الظل مع أدبه وعلمه ...