تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

نزلت و أبي و شقيقيّ (مبارك) و (محمد)، فأنزلنا (ليث) في لحده بكل حرص و هدوء. و مع ثقله و كبر حجمه، إلا أنه كان خفيفًا وقتها. فككنا أربطة الكفن، بقيت أنا و أبي يساعدنا أحد الأخيار بوضع (اللبن) و لصقها بالطين. خرج أبي، و خرج مساعدنا، و كنت آخر من خرج من القبر مع نداء من وقفوا على شفا القبر يطلبون الخروج ليبدأوا بإهالة التراب، و المشاركة في الدفن، و ودعناه للقاء في جنة الفردوس أيها الحبيب.

لقد أرهقنا الدفن؛ فالجميع ملتمّ على القبر من علماء و مشائخ و مسؤولين و دعاة، و أقارب و أصدقاء و معارف، و محبين؛ كلٌ منهم يريد المشاركة في الدفن، والتراب تحتهم. و بعد زمن تمّ الدفن، و الناس تلهج ألسنتها بالدعاء أن يرحم الله الفقيد ويثبّته عند السؤال. و بعده خرج (أبي) برفقة أخي (مبارك) لساحة المقبرة ليتلقى التعزية من الناس و لكن هيهات! فالناس تتقاطر على الشيخ تريد تعزيته، والسلام عليه بعد الإفراج عنه. كاد أن يسقط الوالد مرات بسبب التدافع الشديد، فتمّ تغيير المكان أكثر من مرة؛ لكن الوالد أُرهق و تعب، فطلب المغادرة للبيت. اعتذرنا من المعزّين الذين لم يسلموا عليه، و هم أكثر من النصف، و أخبرناهم بأنه سيتلقّى العزاء في بيته بحي القدس.

كان العزاء حتى نهاية يوم الثلاثاء، و توافد علينا معزّون من كل حدب و صوب .. جوالات لا تهدأ، رجال، و نساء و أطفال .. علماء، و مسؤولين، و وزراء، و مشائخ، و دعاة. أصدقاء الفقيد، و أقاربنا .. لقد سلونا عن مصيبتنا بالتمام مع هذا الجمع الغفير من المحبين و المعزين.

الثانية ليلاً من يوم الثلاثاء .. يعود أبي وشقيقي سعد للسجن مرة أخرى ..

رحمك الله أخي (الليث)، و غفر لك، و وسّع نزلك، و جعل الجنة مثواك .. اللهم اعف عنه فقد عفونا عنه جميعًا ..

رسائل شكروثناء ..

رسالة شكر لخادم الحرمين الشريفين .. الوالد القائد؛ الذي تلمّس مشاعرنا حال الأزمة فوجّه بالإفراج عن والدنا ليشاركنا الصلاة والدفن و العزاء .. وفقه الله لحفظ أمن وإيمان البلاد ..

رسالة شكر لوزير الداخلية؛ لإفراجه عن الوالد في هذه المحنة.

رسالة شكر لمساعده للشؤون الأمنية؛ لتعزيته و تسريعه الإفراج عن الوالد، و فسح المهلة بيوم آخر.

لكل المسؤولين من وزراء، و علماء، و مشائخ، و دعاة.

لكل من وقف معنا في هذه المصيبة مواسيًا و معزّيًا، و مساعدًا و معاونًا. لكل من صلّى معنا أو غسّل و دفن، أو حمل. لكل من أرسل رسالة تعزية أو اتصل. لكل من شاركنا بمشاعره و لو لم نره أو نسمع صوته .. لكل المحبين و المشاركين .. لا أراكم الله مكروهًا قط.

عبدالله بن سعيد آل زعير

من جوار مسجد الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم

الجمعة 17رمضان 1428

a_alzuair*************


المقال منقول وقد قرأته فجر هذا اليوم وأحببت نقله من الساحة العربية للكاتب الفاضل أبا لجين إبراهيم ..

ـ[معالي]ــــــــ[28 - 09 - 2007, 08:28 ص]ـ
أصلحك الله يا ليلى!
والله إني لأشعر أن نياط القلب تتقطع لمصابهم، أسأل الله أن يربط على قلوبهم، ويرزقهم الصبر والتسليم.
ومع كل سطر أقرؤه لأبي سعيد كانت الدموع تغلبني فلا أستطيع المتابعة إلا بعد لأي!

لكني أبشرك أني اتصلت بوضحاء ووالدتها وإحدى أخواتها بعد الحادث بيوم أو يومين، وهالني ثباتهن -بفضل الله- بالرغم من عظم الخطب، وتوالي المصائب.
أرجو الله أن يرحم فقيدهم وأصحابه المرافقين له؛ فلبعضهم قصص محزنة؛ إذ إن اثنين منهم شقيقان، ومنهم مَن هو وحيد والدته التي ترملت وهو صغير، كما علمتُ.

جزيت خيرا أختي ليلى.

ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[28 - 09 - 2007, 08:41 ص]ـ
غفر الله للميت وأدخله فسيح جناته وألهم ذويه الصبر والسلوان وشكر الله للاخت الأخيلية على هذا النقل المؤثر والذي فيه العبر الكثيرة وهل هناك أعظم من الموت واعظاً أحسن الله خاتمتنا آمين آمين.

ـ[ليلى الاخيلية]ــــــــ[28 - 09 - 2007, 08:47 ص]ـ
وجزاك الله خير الجزاء وأتمه وأكمله أختي الكريمة معالي ..
على مرورك وعلى نبل مشاعرك ..
الله المستعان هذه حال الدنيا الدنيّة ..
والحمد لله الذي ثبت قلوبهم وألهمهم الصبر .. والله إني عجبت من ثبات الشيخ سعيد وقت سماعه الخبر أشد العجب .. فلله دره وثبته الله وجعل ما أصاب آل زعير غرة هذا الشهر الكريم تكفيراً وتطهيراً لهم ورفعة في درجاتهم وكما جاء في الحديث " إذا أحب الله قوما ابتلاهم " ..
ومما يؤنس القلب الحزين ويسليه أني سمعت من إحدى الداعيات أن من علامات حسن الخاتمة الموت في رمضان لأن أبواب النار مغلقة ..
ولا يزال البلاء بالعبد المؤمن حتى يلقى الله وماعليه خطيئة .. فالحمد لله على كل حال .. والحمد لله على ماقضى وقدّر ..

ـ[ليلى الاخيلية]ــــــــ[28 - 09 - 2007, 08:51 ص]ـ
وشكر الله لك مرورك الكريم أستاذ أحمد ..
صدقت .. كفى بالموت واعظاً ..
وذكر الموت مما يزهد في هذه الفانية ويعين على الطاعة ..
نسأل الله العظيم المنان الكريم أن يقبضنا على أحب الأعمال إليه ويرزقنا ووالدينا ومن نحب من المسلمين حسن الخاتمة ..
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير