(الكامل، والمقتضب)؛ حكى عن شيخه عالم النحو (أبي عثمان المازني): أنه قصده بعض أهل الذمة ليقرأ عليه كتاب (سيبويه)، وبذل له مائة دينار من الذهب؛ فامتنع ورده؛ فقال له تلميذه المبرد: (أترد هذا القدر مع شدة فاقتك!! فقال: إن هذا الكتاب (كتاب سيبويه) يشتمل على ثلاثمائة آية من القرآن، ولست أرى تمكين هذا الذمي منها غيرة على القرآن)؛ فعوضه الله تعالى ألف دينار من الواثق العباسي بسبب اختلاف في إعراب كلمة في بيت من الشعر.
فهذا العالم غضب لله تعالى، وغار أن يتعلم ذمي، وأن يمكن من ثلاثمائة آية من القرآن؛ فعوضه الله سبحانه وتعالى.
وإن من معالم الغضب لله سبحانه:
الجهاد في سبيل الله تعالى بالأقوال، وبالأموال والأفعال: قال النبي- صلى الله عليه وسلم- (جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم)) رواه أبو داوود بإسناد صحيح عن أنس - رضي الله تعالى عنه.
فالجهاد إذن هو أعظم ما يقوم به المسلم حين يغضب لله تعالى من ظهور الطاغوت والكفر، واستيلائه على هذه الأرض، وتحكمه في عباد الله تعالى؛ فيجاهدهم المؤمن بلسانه وماله ونفسه؛ لتكون كلمة الله هي العليا، وتكون كلمة الذين كفروا السفلى.
ومن ذلك أيضا:
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: هذا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ الذي هو سياج يحفظ الله تعالى به الأمة والمجتمع؛ فتسير السفينة آمنة؛ أما إذا ترك فإن السفينة تغرق، والمجتمع يتلوث ويتلطخ بأوحال الرذيلة والمعصية والفاحشة؛ هذا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي ضيعه الكثيرون؛ أمر الله عز وجل به كل المسلمين: ((وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ))
(آل عمران: 104).
وأمر به النبي- صلى الله عليه وسلم- حين قال: ((من رأى منكم منكرا؛ فليغره بيده؛ فإن لم يستطع فبلسانه؛ فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)).
وإن من هذا النوع من الغيرة:
أن يغار المسلم على أعراض إخوانه المسلمين: أن يغار عليها أن تنتهك أو أن يتعرض لها أهل السوء، وأن يغار عليها أن يراها في الشوارع وقد خالفت أمر الله تعالى، وارتكبت الزور والمنكر.
وإنك لتجد عجباً حينما تخاطب كثيراً من الناس في هذا الموضوع؛ فيقابلك أحدهم؛ فيقول: (إن عليك بالحكمة، وعليك أن تترك الناس ولا تتعرض لهم، ولماذا تدخل مع الناس في مشاكل).
ويظن أن ذلك ينجيه أمام الله تعالى، ويظن أن ذلك عذر يكفي أن يقوله لتسقط عنه هذه الواجبات العظيمة، وما علم المسكين أنه قد وضع الحكمة في غير موضعها، وأنزلها في غير منزلتها؛ حينما فرط في أمر فرضه الله تعالى عليه؛ فرأى المعصية والمنكر أمامه وتركه؛ ويوم القيامة يتندم، ولكن حينما لا ينفع الندم، إن الحكمة تعني أن تضع الأمور في مواضعها وفي نصابها الذي وضعها الله تعالى فيه؛ فتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، ولا تداهن في الله تعالى، ولا تسكت على باطل؛ فإن الساكت عن الحق شيطان أخرس.
وإن التفريط في هذا النوع من الغضب لله تعالى والغيرة على حرماته؛ يسبب الكثير من العقوبات، وإن ترك الغضب لله؛ انحراف عن ما أمر الله تعالى به، وقد قال الله سبحانه (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) (النور: 63).
قال الإمام أحمد: (أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك)؛ لعله إذا رد بعض أمر النبي- صلى الله عليه وسلم- قد يصيبه شيء من الزيغ فيهلك، ويكفي أن نعلم أن القعود مع الذين يستهزئون بآيات الله تعالى؛ إذا رضي المؤمن بذلك وبقي معهم وهو يعلم باستهزائهم؛ فإنه يكون مثلهم؛ كما أخبرنا الله تعالى: ((إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ)) (النساء: 140).
وأما ترك الجهاد؛ فإن عاقبته ذلة الأمة وضعفها وتمزقها؛ بل وأن يكون بأسها بينها؛ كما هو الحاصل اليوم، وأما ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فإنه سبب من أسباب انتشار الفساد، وضياع العفة والطهارة من المجتمع؛ فإن الفاسقين يتطاولون على أعراض المسلمين، وأول ما دخل النقص على بني إسرائيل هو من تركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ قال الله تعالى: ((لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ، كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ)) (المائدة: 78، 79).
منقول
http://www.yabdoo.com/users/476/gallery/3078_p99491.gif
http://www.tarbya.net/AdminFiles/Images/upsetbaby.jpg
ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[28 - 10 - 2007, 12:43 م]ـ
[ QUOTE= طالب عوض الله;181471] [ FONT="Arial"][SIZE="5"][RIGHT][COLOR="Blue"][B] الأخ الحبيب نائل نُلت الجنة ان شاء الله
اقتراحك ممكن تنفيذه لو كنت تتعامل مع بشر سوي، هؤلاء القوم خفافيش بكل ما تحمل هذه الكلمة، ...
¥