تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[التربية بالقدوة]

ـ[أبو الربيع الزهراني]ــــــــ[09 - 03 - 2008, 05:37 م]ـ

القدوة في التربية هي أنجع الوسائل جميعاً وأقربها إلى النجاح والفلاح. ولقد علم الله سبحانه- وهو يضع ذلك المنهج العلوي المعجز- أنه لابد لتنفيذه من بشر. لابد من قلب إنسان يحمل المنهج ويحوله إلى حقيقة لكي يعرف الناس أنه حق ثم يتبعوه. ولذلك بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم ليكون قدوة للناس ووضع في شخصه صلى الله عليه وسلم الصورة الكاملة للمنهج الإسلامي الصورة الحية الخالدة على مدار التاريخ.

ولما سئلت عائشة رضي الله عنها. عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: كان خلقه القرآن. نجد أن هذه إجابة دقيقة وعجيبة مختصرة شاملة ... كان خلقه القرآن كان الترجمة الحية لروح القرآن وحقائقه وتوجيهاته ومعانيه وقد جسد معاني القرآن الكريم خير تجسيد.

وإذ يجعل الإسلام قدوته الدائمة هي شخصية رسوله, فهو يجعلها قدوة متجددة على مر الأجيال ... متجددة في واقع الناس. إنه لا يعرض عليهم هذه القدوة للإعجاب السالب والتأمل التجريدي؛إنه يعرضها عليهم ليحققوها في ذوات أنفسهم, كل بقدر ما يستطيع أن يأخذ, وكل بقدر ما يصبر على الصعود, ومن ثم تظل حيويتها دافقة شاخصة, ولا تتحول إلى خيال مجرد تهيم في حبه الأرواح دون تأثر واقعي ولا اقتداء.

والإسلام يرى- كما أشرنا في البداية- أن القدوة أعظم وسائل التربية, فيقيم تربيته الدائمة على هذا الأساس ... لابد للطفل من قدوة في أسرته ووالديه لكي يتشرب منذ طفولته المبادئ الإسلامية وينهج على نهجها الرفيع. ولابد للناس من قدوة في مجتمعهم تطبعهم بطابع الإسلام وتقاليده النظيفة لكي يحملوا الأمانة لمن يربونهم من الأجيال. ولابد للمجتمع من قدوة في قائدهم أو زعيمهم أو حاكمهم, تتحقق في شخصه المبادئ وينسج على منواله المحكومون. والقدوة للجميع هي شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم التي تتمثل فيها كل مبادئ الإسلام وقيمه وتعاليمه. ومن ثم يقيم الإسلام منهجه التربوي على أساس أنه هو الذي يسير دفة المجتمع ودفة الحياة ... إنه لا يجعل التربية مجهوداً فردياً يخفق أو ينجح ... وتذره الرياح والأعاصير بل يجعله منهجاً شاملاً متكاملاً يبدأ بولي الأمر وينتهي بالطفل الرضيع. حكم إسلامي ومجتمع إسلامي ... وتربية إسلامية. وتلك مسألة بدهية، فكل نظام يضع منهجه على أساس أنه هو الذي يقوم بتنفيذه. والإسلام أولى النظم بتلك القواعد البدهية لأنه لا يستطيع أن يعمل أدوات غيره. ولابد له أن يستخدم أدواته الخاصة لتحقيق منهجه المتفرد على مدار التاريخ.

وحين يتكون مجتمع إسلامي فإنه يشرب أطفاله مبادئ الإسلام عن طريق القدوة القائمة في هذا المجتمع, متمثلة في الأسرة والوالدين. إن الطفل الذي يرى والده يكذب لا يمكن أن يتعلم الصدق. والولد الذي يرى أمه تغش أباه أو أخاه أو تغشه هو نفسه .. لا يمكن أن يتعلم الأمانة. والولد الذي يرى أمه مستهترة لا يمكن أن يتعلم الفضيلة. والولد الذي يقسو عليه أبوه لا يمكن أن يتعلم الرحمة والتعاون. والأسرة هي المحضن الذي يبذر في نفس الأطفال أول بذوره, ويكيف بتصرفاته مشاعر الطفل وسلوكه. ومن ثم ينبغي أن تكون أسرة نظيفة, أسرة مسلمة. حتى ينشأ جيل مسلم يحقق في نفسه مبادئ الإسلام. يأخذها بالقدوة المباشرة .. المنقولة عن قدوة الرسول صلى الله عليه وسلم.

وينبغي أيضا- بالإضافة إلى ذلك- أن تكون سيرة الرسول جزءاً دائماً من منهج التربية, سواء في المنزل أو المدرسة أو الكتاب أو الإعلام بشكل عام لتكون القدوة دائمة وحية وشاخصة في المشاعر وفى الأفكار.

ـ[رائد عبد اللطيف]ــــــــ[09 - 03 - 2008, 06:19 م]ـ

أخي الكريم أبو الربيع، بارك الله فيك على هذه الكلمة الطيبة، التي لو أنزلت على أرض الواقع لعم الخير، وأقول:

إن حب رسول الله في اتباعه، وتطبيق سنته، والسير على نهجه، وتتبع سيرته وتطبيقها، فالأب الصالح لا ينبت إلا صالح:

وينشأ ناشئ الفتيان منا ... على ما كان عوده أبوه

تحياتي

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير