[صناعة الوهم!!!!]
ـ[مهاجر]ــــــــ[08 - 04 - 2008, 10:18 ص]ـ
الإعلام: صناعة أبطال من "ورق" تجتمع حولها قلوب المشاهدين، فلابد من قوي يولع الضعيف بتقليده.
والقوة الوهمية قد تكون:
قوة مادية محسوسة، سواء أكانت قوة فرد، أم قوة جماعة أو حزب ......... إلخ.
أو جرأة مبالغا فيها تصل أحيانا إلى: "قلة الأدب"، و "جلد الذات" بتحقيرها وتسفيهها فنحن: "ولا حاجة" و "ملناش لازمة" و "صفر على الشمال" ........ إلخ، وصب اللعنات على كل شيء، وهذا الصفة: سائدة في مجتمعاتنا المهزومة نفسيا وسياسيا واقتصاديا وعسكريا، وقبل كل ذلك: "عقديا"، فلا تصور شرعي عندنا لما يقع حولنا من أحداث، وإنما ننطلق دوما في تحليلاتنا الاستراتيجية!!! لأي حدث من عاطفة لا ضابط لها تفسد أكثر مما تصلح.
وقد تتعدى هذه الجرأة لتصل إلى ثوابت الشرع: فمن شكك وطعن أكثر، صار محط أنظار الفضائيات التي تتفنن في إداراة الحوارات الساخنة، فلا ترقب في دين المشاهد إلا ولا ذمة، تحت شعار: حرية الرأي التي تتطور إلى: حرية التعبير ولو بالتطاول على الدين الحنيف، وآخر مراحلها: حرية الاعتقاد التي تساوي الردة والزندقة، كما يقول أحد الفضلاء المعاصرين، ولمن شاء أن ينقد ما شاء كيف شاء!!!!
وقد تكون القوة: قوة علمية وهمية، كحال مدعي الاجتهاد في زماننا، وقبل زماننا بعقود، فيقدم: الجاهل المغرض السفيه، المختل عقليا في أحيان كثيرة!!!!، على أنه مجتهد، يفتي الناس، وهو لا يعرف حتى شروط المجتهد، بل ربما يجهل كثيرا من تفاصيل العبادات التي يعرفها آحاد المكلفين، ولكنه: المجدد، العميد، سماحة السيد ......... إلخ.
وقد تكون القوة: قوة روحية وهمية، فيتعلق الناس بأي جبة وعمامة، ولو كان ما بها فاسقا منحرفا، المهم أنه: يلبي احتياجات أتباعه الروحية، والنفس إن لم تتشبع بالحق تشبعت بنقيضه، ولابد لها من أحدهما.
ومن أبرز الفضائيات التي تقدم هذه الأنواع من البطولة الوهمية:
فضائية الجزيرة: ذات الشعبية العريضة في أوساط العرب والمسلمين، فهي فتنة لا يكاد يخلو منها بيت، فالجزيرة: "عدل ثقة" احتف بخبره من القرائن ما يقطع بصحته في نفس الأمر، فهي: "بتجيب كل حاجة ياعم"، دون نظر إلى مصلحة شرعية، فالمهم هو: بروز نجمها الإعلامي، ولو أدى ذلك إلى إثارة المجتمعات الإسلامية المستقرة، بتحريضها: المباشر وغير المباشر، على قيادات سياسية: ضعيفة فاسدة تابعة ترتمي في أحضان الشرق تارة وفي أحضان الغرب تارة أخرى، فحالها مما يغري أي غاضب بصب جام غضبه عليها وما الجزيرة إلا عامل حفاز، أو: " Catalyst" ، كما يقول الكيميائيون، فمهمته: المساعدة على إتمام التفاعل وحدوث الانفجار العظيم!!!، دون أن يكون طرفا فيه!!!!.
ومن خلال متابعة بعض برامجها خلال الشهر الماضي:
قدم برنامج: "ساعة حوار"، في الحلقة الأولى والأخيرة من شهر مارس، نموذجين من الأبطال "الورقيين":
أولهما: شاعر من شعراء العامية في مصر، ممن أفسدوا الذوق العام بأشعارهم العامية التي صرفت الناس عن أشعار أصحاب المعلقات وأمثال أبي تمام والبحتري وأبي الطيب، بل وحتى شوقي، رحمه الله، من المتأخرين، فهو عند التحقيق، لا يعدو أن يكون "كاتب أغاني"، وهو أحد أنشطته بالفعل، ومع ذلك يتم تقديمه على أنه رمز من رموز الحركة الأدبية المعاصرة!!!.
وبطبيعة الحال لم يخل اللقاء من "أفشات ساخنة"، كما يقال عندنا في مصر، من قبيل: "إحنا معفنين" ...... إلخ من النقد الهدام، فهو سب لمجرد السب، و "أنا لا أحترم أي قائد أو زعيم"، وغالبهم بالفعل لا يستحق الاحترام، ولكن ماذا بعد السب والشتم؟، لا شيء!!!، فهو تفريغ لشحنة لا أكثر دون تقديم بديل شرعي مناسب، فصار النقد: مرادا لذاته، وصار السب في حد ذاته هدفا ساميا يدل على شجاعة صاحبه، وقد نما هذا النموذج في مقابل نموذج خانع يسبح بحمد القادة "الملهمين"، وبينهما يتأرجح المجتمع الإسلامي في ظل غياب العلماء الربانيين الذين يملكون رؤية شرعية صحيحة لا غلو فيها ولا جفاء.
¥