تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[مجاملة في غير وقتها!!!!]

ـ[مهاجر]ــــــــ[30 - 03 - 2008, 10:13 ص]ـ

في أحد البرامج الفضائية الشهيرة: قال بعض أهل العلم مجاملا اليهود والنصارى الذين يعيشون في بلاد المسلمين: إن وصف: "غير المسلمين" أليق بهم الآن من وصف: "أهل الذمة" لما يسببه لهم هذا الوصف من ألم نفسي!!!!، فهم مواطنون من الدرجة الأولى في البلاد الإسلامية!!!!!، وليت المسلمين في بلادهم يحظون بعشر معشار ما يحظون به في بلادنا.

والتسوية بين المسلم وغيره: تسوية بين مختلفين، فقد علم من استقراء فروع الشريعة أن المسلم يختص بأحكام لا تتعدى إلى غيره، فله من العناية ما ليس للكافر، فقتل الذمي، وإن كان محرما، إلا أن قاتله لا يقاد به، بخلاف قتل المسلم، ودية الذمي على النصف من دية المسلم، على تفصيل ليس هذا محله، وإنما المقصود بيان ما امتاز به المسلم عن الكافر، فإن الفعل الواحد قد يكون محرما، ولكن حرمته تشتد في حق بعضٍ دون بعض، فالقتل: محرم، ولكن قتل المسلم أشد حرمة من قتل الكافر المعاهد أو الذمي، وقتل الأولاد خشية إملاق أشد حرمة من قتلهم حال السعة، وقتل الوالدين أشد حرمة من قتل غيرهما، والزنى بحليلة الجار أشد حرمة من الزنا بغيرها، والزنا بالمحارم أشد حرمة من الزنا بغيرهم، مع كون اسم: القتل والزنا يشملها جميعا، ولكن شتان!!.

وخطورة هذا القول أن فيه تعد على الأسماء الشرعية بالحذف والإضافة، فيُحْذَف اسم "الذمي" من القاموس الإسلامي المعاصر بوصفه مصطلحا رجعيا لا يليق بهذا الزمان!!، ويضاف مصطلح: "الآخر" أو "الغير" .............. إلخ من المصطلحات المحدثة التي لم يدل عليها كتاب أو سنة، وإنما أحدثها من أحدثها مجاملة لأصحاب الملل الأخرى.

وقد علم أن الأسماء والأحكام الشرعية مما اختص به الشارع، عز وجل، فليس لأحد أن يكفر إلا من كفره الله، عز وجل، أو رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وليس لأحد أن يبدع أو يفسق إلا من بدعه أو فسقه الله، عز وجل، أو رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فالأسماء والأحكام: حق شرعي، ليس لنا أن نتعدى عليه بإلغاء أو إحداث، وليس لآحاد الناس أن يحكموا بكفر من ثبت إسلامه بيقين إلا أن يروا كفرا بواحا عندهم من الله فيه برهان، ولا يستقل بإدراك هذا البرهان، وتخريج مناطه وتحقيقه وإقامة الحجة على الأعيان إلا العلماء الربانيون، وإلا وقعت الفوضى في المجتمع المسلم واستبيحت الدماء والأعراض والأموال، وخرجت الخوارج على الأمة بالسيف.

وقد جاءت النصوص بتسمية اليهود والنصارى: كفارا، وذمتهم في مواضع كثيرة، وليس بعد البيان القرآني والنبوي بيان.

والأحكام، كما يقول الأصوليون معلقة على الأسماء الشرعية، والأسماء معلقة على الأوصاف، فمن قام به الوصف، صح إطلاق الاسم عليه، فمن قام به وصف الكفر استحق اسم: "الكافر"، وثبتت له أحكام الكافر، ومن قام به وصف الإيمان استحق اسم "المؤمن" وثبتت له أحكام المؤمن ............ إلخ، فالتصرف في الأسماء الشرعية المأثورة حذفا وإضافة، يعود بالبطلان على الأحكام التي علقت عليها، وهذا واضح لمن تأمله.

فزوال الوصف يزول به الاسم، فيزول الحكم تبعا لزوالهما، حتى ذكر أهل العلم في كتب الفروع مسألة: تكسير المعازف، إذا كانت خشبية، هل يحل الانتفاع بخشبها، لخروجها بالتكسير عن وصف المعازف، أم لا يجوز الانتفاع بها مطلقا، فمناط الذم إنما تعلق بصفتها التي ذمها الشارع، عز وجل، فلما تغير الوصف تغير الحكم تبعا له، والخلاف مبسوط في كتب الفروع.

وقد أفرط من أفرط في مجاملة القوم، في الوقت الذي ينالون فيه من عرض النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهذه المجاملات لا تزيدهم إلا تسلطا وغرورا، فتهنئتهم في أعيادهم تقوي قلوبهم على إظهار كفرهم، والقول بجواز بيع الخمر لهم، لأنهم غير مخاطبين بفروع الشريعة: حض على انتهاك حرمات الله، ولن يعدم القائل رواية ضعيفة، أو قولا مهجورا، يعارض به أصول ونصوص الشريعة المحكمة، فبعض المالكية، رحمهم الله، يجيز لهم إقامة الكنائس، فليقيموا ما شاءوا منها في ديار المسلمين، وبعض روايات المذاهب المتبوعة تجيز تهنئتهم في أعيادهم، فلا بأس في ذلك تأليفا لقلوبهم، والأحناف، رحمهم الله،

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير