تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والذي يقرأ قوله تعالى في محكم كتابه (ان الله لايستحي أن يضرب مثلا بعوضة فما فوقها) الآية .. قد يحير في الأمر والله عز وجل يقول (وقل ربي زدني علما) الآية .. وما فوقها كان أعظم وهذا خطاب المهيمن الذي أحاط بكل شيء علما ولا زال علمنا وضيعا لفهم ذلك فقد يحير علماء هذا العصر في التكوين الفسيولوجي لهذه الحشرة وجهازها العصبي الغاية في التعقيد ولكن الخطاب لا ينحصر هنا بل يمتد الى ما فوقها وهي حشرة مجهرية تعيش فوق ظهر البعوضة.

والذي ليس له علم بالقرآن قد يشكل عليه الأمر بين متشابهه ومجازه وقد ينكر بعضهم مجاز القرآن وقد يحير المرء أيما حيرة وقد يسقط في التجسيم بغير علم ولقد تعسف بعضهم في تأويل ظاهر بعض الآيات، ولا يمكن تحميل معانيها على ظاهرها ويستحيل ذلك في حق الله تعالى، ولقد قال الامام مالك رحمه الله في قوله تعالى (الرحمان على العرش استوى) الآية .. وهي من متشابه الآيات الاستواء معلوم والكيف مجهول والايمان به واجب والسؤال عنه بدعة

وقد يحير علماء البيان بين مجاز القرآن ومتشابهه كقوله تعالى (وجاء ربك) الآية فالكلمة قد تأتي بنظيراتها وهي مختلفة في المعنى وقد تحصي كثبرا من نظيراثها و مماثلاتها، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالآخرة كقوله تعالى (وأزلفت الجنة للمتقين) الآية .. فنجد كلمة أزلفت .. لقد تغير شيء ما .. أو كقوله تعالى (فاذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان) الآية .. لذا فقوله تعالى (وجاء ربك) الآية .. ليست مجازا ولا متشابها والكيف مجهول والايمان به واجب والله تعالى لا يحيط به مكان ولا زمان وهو الذي خالقهما بعلمه وقدرته.

لذا فكتاب الله له من خصائص التجريد المطلق والتنزيه الكامل ما لا يمكن الاحاطة به لأن الله تعالى أقام الحجة حيث أحكم آياته وهو العليم الحكيم

وكلامه سبحانه منزه عن كل نقص أو عيب ولا يأتيه الباطل، وبيان الله تعالى ليس بعده بيان، وهو الذي له أثر في القلب ووقع شديد في السمع وله قوة نفاذ عجيبة في النفس، وفيه من الاستعارات الخفية والتشبيهات التي فيها دقة في التصوير لتفعيل الحدس وشحذ المخيلة لترتقي بايمانها وكشوفاتها وفق سنن ماضية في الخلق، ونحن لم نحط بعد بكل أسرار الكلمة (ولما ياتكم تاويله) الآية

لذا فالايمان بالغيب هو النبراس الأول للمتقين والله هو العليم الخبير الذي أحكم آياته وجعل كلماته نورا وألبسها من علمه وحكمته ثياب الجلالة وغشاها بنور الحكمة لتكون هدى للمتقين وتكون تبيانا لكل العوالم المحيطة بالانسان واشارات محفزة لاستبيان العلوم ودعوة الى سعة الأفق وعدم الجمود فسبحان من قال له الملائكة الكرام عليهم السلام (سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا) الآية .. وسبحان من أعجز الثقلين ببيانه البديع وحجحه الدامغةعلى أن يأتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير