بعدما وافق صاحبنا على شرطهم رجع إلى البيت و الأرض لا تكاد تحمله من شدة الفرح , فهو مستعد أن يفرط بزوجته مقابل لقاءٍ تلفزيوني , فالزوجة تُعوض أم اللقاء فلا , و بمجرد وصوله للبيت قال لزوجته: غداً سنذهب إلى بيت أحد الرفاق لتناول وجبة العشاء , اريدك أن تلبسي و تستعدي في الساعة التاسعة مساءً.
و جاءت ساعة الصفر , و دق جرس الساعة معلناً عن بداية النهاية , فأخذ صاحبنا زوجته متجهاً إلى وكر الجريمة , فوصل إلى البيت و دخل هو و زوجته , فلم تجد إلا أصحابه و لم تجد زوجاتهم معهم فاستغربت , و لكنها صمتت متوقعة أنهم في أحد غرف المنزل , و بمجرد أن دخلت و سلمت على أصحاب زوجها فما لبثوا أن انهالوا عليها و أدخلوها أحد الغرف و جردوها من ملابسها و أخذوا يدخلون عليها واحداً تلو الآخر , و هي تصرخ و تستغيث و تستجدي زوجها , لكنه لم يجبها إلا بضحكاتٍ ساخرة قائلاً: أبعد ما جاءتني الفرصة إلى مكاني أفرط فيها؟ فتركهم يتتابعون عليها واحداً تلو الآخر حتى هتكوا سترها , و قضوا على أنوثتها ,و بعدما قضوا وطرهم تركوها تخرج هاربة إلى حيث ما لا يعلمون هم و لا زوجها.
عاد صاحبنا إلى منزله , و لكن هذه المرة بدون زوجته , فقد خرجت موليةً إلى حيث لا رجعة , و في اليوم التالي عاد إلى أصحابه لتنفيذ ما وعدوه به , لكنهم أخذوا يضحكون منه و يسخرون قائلين له: و أي وعد وعدناك به؟ بل نحن لم نرك منذ مدة أصلاً , فأدرك أن ما وعدوه به لم يكن إلا هباءً منثوراً , و أنه خسر زوجته و الشهرة المزعومة بل حتى أصحابه.
غريب أمر أولئك الأصحاب , فأي قلوب لهم؟ و أغرب منهم ذلك الزوج الذي ضحى بزوجته من أجل منصب مرموق أو شهرة مزعومة.
ربما تعجب و تستغرب من بعض أحداث تلك القصة , لكن العجب يزول إذا عرفت شخصيات هذه القصة.
فالزوجة الجميلة التي فاقت أقرانها جمالاً هي: اللغة العربية.
و صديقاتها الزوجات الأخريات هنّ: باقي اللغات الأخرى.
أما أصحاب الزوج فهم: أولئك الكتاب و الأدباء من الغرب و بعض المستشرقين الذين ما فتئت أقلامهم ترمي بشررها على اللغة العربية , فهم يريدونها أن تستبدل باللهجة العامية في الخطابات الرسمية و الكتابات و الأعمال الأدبية , و أن تحل العامية بديلاً عن الفصحى.
أما الأغرب من أولئك كلهم فهو الزوج الخائن و هو: ذلك الأديب و الكاتب العربي الذي صدق تلك الشعارات و عمل بما نادى به أولئك المقرضين بل أخذ يدعو إليه في كتاباته و أعماله الأدبية , ظناً منه أنه سيحقق شهرة و ظهوراً إعلامياً من خلال تلك الدعوات فخسر لغته التي جبل عليها و خسر تلك الشهرة المزعومة.
بقلم: أنس عبدالله
ـ[رسالة]ــــــــ[25 - 04 - 2008, 09:48 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قصة هادفة وممتعة، وقلم مبدع، نتطلع لمزيد من الإبداع القصصي.
ـ[أبو لين]ــــــــ[28 - 04 - 2008, 12:04 ص]ـ
بداية رمزية جميلة أخي أنس بارك الله فيك وفي قلمك.
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[28 - 04 - 2008, 11:22 ص]ـ
محاولة موفقة أخي أنس، استمر أنت وسوف تصقل موهبتك!
دام قلمك.
ـ[أم يوسف2]ــــــــ[28 - 04 - 2008, 11:45 ص]ـ
السلام عليك ورحمة الله وبركاته.
تحية حارة لقلمك المبدع أرق الامنيات بمزيد من التقدم
سلمت يداك
والسلام
ـ[د. سليمان خاطر]ــــــــ[28 - 04 - 2008, 03:54 م]ـ
قصة جميلة محلها منتدى الإبداع؛ فليس الإبداع شعرا فقط ولكنه نثر أيضا.
بارك الله في يراعك، أخي الأديب المبدع أنس عبد الله.
وكم وددت أن القصة استمرت على رمزيتها حتى النهاية، ولم يلجأ الكاتب إلى التعبير المباشر في نهايتها المأسوية؛ ليذهب كل قارئ كل مذهب في الفهم والتحليل والنقد والفهم، فالرمزية من السمات الضرورية للقصة الحديثة، والمعنى في بطن القاص وبطن كل قارئ متذوق لهذا الفن الجميل القديم الجديد من فنون التعبير.
أقول هذا بعيدا عن نظرية بل خرافة موت المؤلف أو القارئ.
ليسمح لنا أخونا الأديب أن نختلف معه قليلا؛ فلا الحاقدون على العربية من كتاب الغرب ولا مخدوعوهم من بني جلدتنا الذين يتكلمون بألسنتنا استطاعوا أن يهتكوا شرف بنت عدنان؛ فهي أرفع من أن تصل إليهم أيديهم الدنسة وأهدافهم الدنية وخططهم الخبيثة، فما تزال-بحمد الله- طاهرة صافية نقية في كتاب ربها وسنة نبيها وعلى ألسنة الغير من بنيها، وهو كثر في كل زمان ومكان. وهي كذلك لم تكن زوجا -ولن تكون- للخونة ممن يمتون إليها بصلة النسب الحسي من بعيد دون الولاء المعنوي والحب، فهم لم يفهموها وإلا لأحبوها؛ إذ كل من فهما فهما صحيحا وعرفها حق معرفتها هام في حبها وذهب به الغرام بها كل مذهب، فلا يرضى بالدنيا وما فيها بها، بل يرضى بالموت دونها في غبطة وسرور.
والخلاف في قليل من مضامين القصة لا يمنع من الإعجاب بلغتها السلسة وأسلوبها الجميل.
ـ[أنس بن عبد الله]ــــــــ[28 - 04 - 2008, 06:54 م]ـ
أشكر كل من شارك بالرد , فردودكم هي الزاد الحقيقي الذي يتقوى به كل مبدع.
أشكرك د. سليمان على ملاحظاتك التي لن تغيب عن نظري في المرة المقبلة بإذن الله.
¥