فكثير من المتأخرين يزعم أن تقديره: الأعمال صحيحة، أو معتبرة، أو مقبولة بالنيات، وعلى هذا فالأعمال إنما أريد بها الأعمال الشرعية المفتقرة إلى النية، فأما مالا يفتقر إلى النية كالعادات من الأكل والشرب، واللبس وغيرها، أو مثل رد الأمانات والمضمونات، كالودائع والغصوب، فلا يحتاج شيء من ذلك إلى نية، فيخص هذا كله من عموم الأعمال المذكورة هاهنا.
وقال آخرون: بل الأعمال هنا على عمومها، لا يخص منها شيء
.
- - - - -
السُّؤالُ الرَّابِعُ:
"ماذا تفيد إنما في كل من:
أ. إنما الأعمالُ بالنياتِ.
ب: إنما لكل امرئ مانوى.
من حيث البلاغة
إنما) تفيد الحصر، فإذا قلنا: أحمدقائم فهذا ليس فيه حصر، وإذا قلنا: إنما أحمد قائم، فهذا فيه حصر وأنه ليس إلا قائماً.
أما من جهة الإعراب
فقوله صلى الله عليه وسلم: إِنما الأَعمال بالنيات مبتدأ وخبر
الأعمال: مبتدأ، والنيات: خبره.
وإِنما لكل امرئ ما نوى أيضاً مبتدأ وخبر
لكن قدم الخبر على المبتدأ لأن المبتدأ في قوله: وإِنما لكل امرئ ما نوى هو: مانوى متأخر.
- - - - -
السُّؤَالُ الخَامِسُ:
ماذا تتستخلصي من هذا الحديث بما يتعلق بـ:
أ: (التلفُّظ بالنية)؟
بدعة ولم يرِد عن رسول الله ولاعن أصحابه رضوان الله عليهم أنهم كانوا يتلفظون بالنية ولهذا فالنّطق بها بدعة ينهى عنه سراً أو جهراً
خلافاً لمن قال من أهل العلم: إنه ينطق بها جهراً، وبعضهم قال: ينطق بها سرّاً، وعللوا ذلك من أجل أن يطابق القلب اللسان.
ولو كان ذلك صحيحا فأين رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا؟
لوكان هذا من شرع الرسول صلى الله عليه وسلم لفعله هو وبيّنه للناس
ب: (تمييز العبادات عن العادات)؟
الرجل يأكل الطعام شهوة فقط، والرجل الآخر يأكل الطعام امتثالاً لأمر الله عز وجل في قوله: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا) فصار أكل الثاني عبادة، وأكل الأول عادة
ولهذا قال بعض أهل العلم: عبادات أهل الغفلة عادات، وعادات أهل اليقظة عبادات.
عبادات أهل الغفلة عادات
مثاله: من يقوم ويتوضأ ويصلي ويذهب على العادة.
وعادات أهل اليقظة عبادات
مثاله: رجل لبس ثوباً جديداً يريد أن يترفع بثيابه، فهذا لايؤجر، وآخرلبس ثوباً جديداً يريد أن يعرف الناس قدر نعمة الله عليه وأنه غني، فهذا يؤجر.
ورجل آخر لبس يوم الجمعة أحسن ثيابه لأنه يوم جمعة، والثاني لبس أحسن ثيابه تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم فهو عبادة.
ج: (تمييز العباداتِ بعضها عنْ بعض)؟
رجل يصلي ركعتين ينوي بذلك التطوع، وآخر يصلي ركعتين ينوي بذلك الفريضة، فالعملان تميزا بالنية، هذا نفل وهذا واجب، وكذلك الصيام تطوعا او قضاء ايام لم يصمها من شهررمضان
فهذا صيام تطوع والأخر صيام قضاء
- - - - -
ـ[طويلبة علم]ــــــــ[10 - 07 - 09, 07:48 م]ـ
- - فوائد من الحديث - -
1 - الإخلاص في العمل لله تعالى، لأن الإخلاص قوة إيمانية وجهاد نفس يخلصها من جميع المصالح والأهواء الشخصية، فما من قول أو عمل إلا وكان ابتغاء مرضاة الله تعالى، ولا ينتظر المؤمن مقابل ذلك شكورا ولا جزاء من سواه.
2 - أن النية محلها القلب والتلفظ بها بدعة
3 - أن الإنسان يؤجر أو يؤزر أو يحرم بحسب نيته لقول النبي: {فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله}.
4 - أن النية من الإيمان، لأنها عمل القلب، والإيمان عند أهل السنة والجماعة تصديق بالجنان، ونطق بالسان وعمل بالأركان، لذلك ساق الإمام البخاري هذا الحديث في كتاب الإيمان.
5 - إن هذا الحديث بسبب رجل أراد الزواج من امرأة يقال لها "أم قيس" فهاجر من أجل ذلك، ولم يبتغ بهجرته فضيلة الهجرة.
قال ابن دقيق العيد: "نقلوا أن رجلا هاجر من مكة إلى المدينة لا يريد بذلك فضيلة الهجرة، وإنما هاجر ليتزوج امرأة تسمى أم قيس، فلهذا خص في الحديث ذكر المرأة دون سائر ما ينوي به".
6 - إن هذا الحديث ممن ابتدأ به في أول كتابه الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه، وكذلك تقي الدين المقدسي في كتابهعمدة الأحكام والسيوطي في جامعه الصغير، والنووي في المجموع
قال أبو عبيد:"ليس في الأحاديث أجمع وأغني وأكثر فائدة منه"
ـ[طويلبة علم حنبلية]ــــــــ[11 - 07 - 09, 01:04 ص]ـ
جزاكِ الله خيرا أخيّة ...
سيتم النظر بالإجابات غدا مساءا -بإذن الله تعالى-.
¥