تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وليسمح لي القارئ الكريم ان ابدي وجهة نظر في هذا الانصراف أو العزوف. فالذي يبدو لي ان التعليم في القديم كان محصورا في قناتين: القناة الأولى: الكتاتيب والتعليم الاولي: وهو الذي يحتضن أطفال المسلمين بنين وبنات ويقتصر فيه التعليم كما هو معلوم على تعليم القرآن الكريم قراءة وحفظا وتعلم مبادئ القراءة والكتابة وفي بعض الأحيان مبادئ الحساب في عملياته الأربع الجمع والطرح والضرب والقسمة. والقناة الثانية: التعليم في المساجد وهذه لا يلتحق بها إلا من له رغبة في العلم ولديه ملكة في التحصيل وميول إلى طلب العلم. فلا يوجد إلا هاتان القناتان. وفيما يتعلق بالتعليم في المساجد فهو القناة الوحيدة للتحصيل العلمي ومن اجل هذا فإن الطلاب والشيوخ يلازمون الحضور وينتظمون فيه. أما في الوقت الحاضر وبعد ان نشأ التعليم النظامي واصبح متوفرا في كل مدينة وقرية وهجرة واصبح الزاميا أوشبه الزامي في كل مراحله وبخاصة مرحلته العامة (التعليم العام) لم يعد حاجة ملحة أو أساسية للتعليم في المساجد بل أصبح اختياريا مزاحما بالتعليم النظامي بل الجاذبية للتعليم النظامي أكثر واكبر نظرا لارتباطه بتحصيل فرص العمل ناهيكم بأن التعلم في المساجد أشبه بالتعليم المتخصص لا يأتي إليه إلا الراغب في فن من الفنون ولا سيما العلوم الشرعية وينازعه في ذلك الكليات والدراسات العليا الشرعية المتخصصة هذا ما بدا لي في المقارنة بين التعليمين والإقبال على الجديد والفروق عن القديم.

وكأني بالشيخ- رحمه الله- لحظ هذا الملحظ أو ما يشبهه فرأى ان يعيد للمسجد- ولا سيما المسجد الحرام- دوره في التعليم واستقطاب الطلاب والعلماء على حد سواء فتوجه إلى فكرة إنشاء المعهد جامعا بين التعليم النظامي في مواده وشهاداته واختباراته وبين التعليم في المساجد في حلقاته وبركاته- إن شاء الله- إذ أبقاه حلقات عامرة في المسجد وجلب إليه مجموعة من أهل العلم الذين باشروا التدريس فيه واجرى فيه للطلاب مكافآت مجزية تعينهم على مواصلة التحصيل ولا يزال المعهد في عطائه بل إن طلابه من أكثر الطلاب تميزا حين يلتحقون بالجامعات فشهادته معادلة بثانوية المعاهد العلمية ودار التوحيد وفتح فيه قسم عال يمنح شهادة البكالوريوس يتلقون تعليمهم بين أروقة المسجد الحرام جوار الكعبة المشرفة وزمزم والحطيم.

المكتبة العلمية (الفكرة والبناء):

سبقت الإشارة إلى تعلق الشيخ بالعلم وشغفه بل سبق كلام الشيخين محمد العبودي وسليمان الرواف في الحديث عن طريقة الشيخ في التعليم ومنها الاهتمام بالكتب والمراجع وتدريب الطلاب على النظر فيها ومراجعتها وطرق البحث وتنمية ذلك فيهم.

وكان مما قاله الشيخ العبودي حفظه الله: (إن أول شخص أعرفه من العلماء الكبار كان يحرص على ان يحضر المرجع العلمي الذي يتناول المسألة التي تبحث يحضره في حلقة الدروس ويمرن به الطلبة على استخراج المسألة من المرجع الذي أحضره (1)

ثم قال عن المكتبة أول وصول الشيخ إلى القصيم: (وكانت في الجامع مكتبة لا بأس بالعدد الذي فيها من الكتب النفيسة ولكن العدد ليس كبيرا بمستوى ما تعارفنا عليه الآن) (2).

أما سليمان الرواف فتحدث عن المكتبة بعدما توجه الشيخ إلى تطويرها وتحديثها فقال: (وأنشأ مكتبة جمع فيها ما استطاع جمعه من كتب الفقه والحديث والتفسير والتوحيد واللغة وناهيك بصعوبة حصول الكتب الكافية في ظرف مثل ذلك الظرف).

ثم قال الرواف: (ولما كثر الطلبة رأى رحمه الله أن المسجد غير كاف للتدريس نظرا لمضايقة المصلين ولعدم توفر موضع للمكتبة والمراجعين ولعدم توفر أسباب الراحة للدرس والمطالعة، لذا سعى رحمه الله لدى الجهات المسؤولة العليا وحصل على الموافقة على إنشاء مكتبة على الطراز الحديث خارج المسجد فاشترى رحمه الله أرضا قرب المسجد الجامع واقام عليها مبنى مسلحا يحتوي على مكتبة كبيرة وقاعة للتدريس وقاعات للمطالعة والبحث وجمع للمكتبة كتبا كثيرة حتى صارت من كبريات المكتبات الموجودة في المملكة حينذاك ونقل إلى هذا المبنى المكتبة والتدريس بدلاً من المسجد فصار هذا المبنى مكتبة ومدرسة وناديا ثقافياً علميا فهو طوال الوقت ممتلئ بالدارسين والمستمعين أوقات الدراسة وبالمطالعين والباحثين طوال الوقت في غير أوقات التدريس وبذلك صارت هذه المكتبة أو على الأصح دار

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير