تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[[هل يُمكن أن يُكتفى بالكتب والأشرطة في تحصيل العلم!؟]] تفضل الجواب من عند أهله

ـ[الشاطبي الوهراني]ــــــــ[14 - 03 - 06, 10:57 م]ـ

إذا قيل: هل يمكن أن يُكتفى بالكتب والأشرطة، ويستغنى بذلك عن الأساتذة والشيوخ!؟

فيمكن الإجابة عن ذلك بما ذكره الإمام أبو إسحاق الشاطبي (ت790هـ) في المقدمة 12 من كتابه الموافقات، والنص التالي من مختصر الموافقات المسمى "توضيح المشكلات" للعلامة الولاتي الشنقيطي (ت 1912م) ـ رحمهم الله جميعاً ـ:

[لابد للعلم من مُعَلِّم، ولابد في المُعلِّم أن يكون مُتَحَقِّقاً بالعلم، وهي ثلاث: العلم بما علم، وملازمة الشيوخ، والتأدب معهم]

اعلم أن العلم كان في صدور الرجال ثم انتقل إلى الكتب وصارت مفاتيحه بأيدي الرجال، وهذا الكلام يقتضي بأنه لابد في تحصيله من الرجال إذ ليس وراء هاتين المرتبتين مرمى عندهم. وأصل هذا في الصحيح وهو قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس ولكن يقبضه بقبض العلماء" الحديث. فإذا كان كذلك فالرجال هم مفاتيحُه بلا شك، وللعالم المتحقق بالعلم أماراتٌ ثلاث.

أولها: أن يكون عاملاً بما عَلِمَ حتى يكون قولُه مطابقاً لفِعلِه، فإن كان قولُهُ مُخالفاً لفعله فليس بأهلٍ لأن يُؤخذَ عنه العلمُ ولا أن يُقْتدى به في علم.

الثانية: أن يكون ممن رباه الشيوخ في ذلك العلم، لأخذه عنهم، وملازمته لهم، وهكذا شأن السلف الصالح، فإن الصحابة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - لازموا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأخذوا بأقواله وأفعاله واعتمدوها وفهموا المراد منها يقيناً فتحققوا به وتخلقوا، وكذا التابعون فإنهم لازموا الصحابة وأخذوا عنهم الكتاب والسنة وتفقهوا عليهم في ذلك حتى نالوا الكمال في العلوم الشرعية وهكذا.

الثالثة: أن يكون مقتدياً بمن أخذ عنه العلم ومتأدباً بآدابه كما علمت من اقتداء الصحابة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - واقتداء التابعين بالصحابة، وهكذا في كل قرن، فمن لم يتصف بهذه الأمارات الثلاث لا يؤخذ عنه العلم لأنها هي المعتبر فيمن يؤخذ عنه العلم، ولما ترك الناس اعتبارها ظهرت البدعُ واتباعُ الهوى نسأل الله السلامة.

[طريق أخذ العلم إما المشافهة أو المطالعة، والأولى أنفع، ويلزم في الثانية شيئان: تحرِّي كتب الأقدمين والاستعانة بالعلماء في فهم اصطلاحات العلم]

وإذا ثبت أنه لابد من أخذ العلم عن أهله فاعلم أن لذلك طريقين:

إحداهما: المشافهة، أي مشافهة المتعلم للعالم في أخذه العلم منه، وهي أنفع الطريقتين وأسلمها لوجهين:

الأولى: خاصية جعلها الله تعالى بين المتعلم والعالم، يشهد بها كل من زاول العلم والعلماء؛ فكم من مسألة يقرأها المتعلم في كتابٍ ويحفظها ويُرَدِّدُها على قلبه فلا يفهمها، فإذا ألقاها إليه العالِمُ الذي يُعَلِّمُهُ فَهِمَهَا بَغْتَةً وحَصَلَ لَهُ العِلمُ بها بالحضرةِ ببركة امتثال السنة بالتعلم من العالم، وهي من فوائد مجالسة العلماء، إذ يفتح للمتعلم بين يدي العالم ما لا يفتح لدونه الطريقة.

و [الطريقٍ] الثاني: مُطالعةُ كتب المُصنِّفين، ومدوِّني الدواوين، وهو أيضا نافِعٌ في ذلك بشرطين:

[الشرط] الأول: أن يحصل له من فهم مقاصد ذلك العلم المطلوبِ، ومعرفةِ اصطلاحات أهله ما يتم له به النظر في الكتب وذلك لا يحصل إلا بالطريق الأول الذي هو مشافهة العلماء أولاً، والكتبُ وحدها لا تُفيدُ الطالبَ منها شيئا إلا ما تقدم له من فتح العلماء بالمشافهة.

الشرط الثاني: أن يتحرى كتب الأقدمين من أهل العلم فإنهم أقعد به من المتأخرين، وأصلُ ذلك التجربةُ والخبرُ ... "

(انتهى)

والحديثُ في موضوع الأشرطة قياسٌ.

المصدر: توضيح المشكلات ص 52، دار عالم الكتب.

ما بين معوقتين []: للتوضيح

باللون الأحمر: عناوين للشيخ عبد الله دراز في تعليقه على الموافقات.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير