تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الموازنة بين قراءة الكتب والأخذ عن الشيوخ]

ـ[سامي عبد العزيز]ــــــــ[14 - 02 - 06, 03:15 م]ـ

أخذ العلم له طريقان:

أحدهما: طريق المشافهة، وهو أخذه عن أهله العلماء به، وهذا هو الأصل الأصيل في تلقي العلوم، وهذه طريقة السلف؛ قبل تدوين الكتب وبعدها، وليس هنا مجال الحديث عن هذه الطريقة.

الثانية: أخذه عن الكتب والمصنفات، وهي دواوين العلم وخزائنه.

وهاهنا يُنبّه إلى أمور:

1 ــ لا بد من الموازنة والمزاوجة بين أخذ العلم من الكتب وأخذه من العلماء، فإن العلم وإن كان مودعاً في بطون الكتب، إلا أن مفاتحه بأيدي الرجال، كما في المقولة المشهورة (1).

فلا أقل من أخذ مختصر في كل علم على عالم به متخصص فيه (2)، فبعد أن يُحَصِّل الطالب قاعدة الفن وأصوله (3)، فَليَبْنِ عليه حينئذ، مع التدرج والترقي بالقراءة في مطولاته وشروحه، وليحرص مع ذلك كله على مسائلة أهل الفن ومذاكرتهم، فإنه كما قال الإمام النووي» مذاكرة حاذق في الفن ساعة أنفع من المطالعة والحفظ ساعات بل أياماً «(4).

ولا ينبغي للطالب أن يبالغ في مقدار القراءة والأخذ عن الشيوخ ليقيس نفسه بما سلف من العصور؛ إذ كان الشيخ والطالب في تفرُّع تام للقراءة والإقراء، مع قطع العلائق والعوائق، وتمام الأهلية من الجهتين،وهذا من نقص العلم وقبضه، إذ قبضه بقبض العلماء، وإلا فالكتب أ: ثر انتشاراً وتداولاً من ذي قبل.

2 ــ ينبغي التمعّن في اختيار المتن الذي يُراد حفظه أو درسه، ليكون مناسباً للطالب من أغلب الوجوه على الأقل، حتى لا ينتقل منه إلى غيره، فإن كثرة التنقل في الكتب دليل على ملل الطالب وعدم فلاحه غالباً.

3 ــ ليحرص الطالب أشد الحرص على كتب المقدمين والمحققين من أهل العلم، أما المتقدمين؛ فواضح، وأما المحققين؛ فلا يخلو كل عصر من قائم لله بحجة من أولئك العلماء المحققين (5)، أصحاب التصانيف النافعة المحررة، في كل الفنون الإسلامية، وتمتاز هذه الكتب بالتأصيل العلمي، وتدليل المسائل، وتحريرها، والاعتناء بما ينبني عليه عمل، والبعد عن المجادلات اللفظية، والمُمَاحكات الكلامية التي لا أثر لها في العلم نفسه، وهذه بعض الأمثلة من عصور مختلفة ليستدل بها على غيرها:

(كابن جرير (130)، والخطيب البغدادي (463)، وابن عبد البر (463)، والبغوي (516)، وابن قدامة (620)، والنووي (676)، وابن دقيق العيد (702)، وشيخ الإسلام ابن تيمية (728)، وابن القيم (751)، وابن كثير (774)، وابن رجب (795)، والعراقي (806)، والحافظ ابن حجر (852)، وغيرهم (6).

وعليه؛ فاحذر كتب أهل البدع والضلالة في القديم والحديث، وقال شيخ الإسلام ــ رحمه الله ــ». . . ولهذا كُرِه لمن لا يكون له نقد وتمييز النظر في الكتب التي يكثر فيها الكذب في الرواية، والضلالة في الآراء ككتب أهل البدع، وكره تلقي العلم من القصاص وأمثالهم، الذين يكثر الكذب في كلامهم، وإن كانوا يقولون صدقاً كثيراً «(7) اهـ.


تأليف/ علي بن محمد العمران.

الهوامش:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الموافقات (1/ 140)، وفي السير (7/ 114) في ترجمة الأوزاعي قال:» كان هذا العلم كريماً، يتلاقاه الرجال بينهم، فلما دخل في الكتب، دخل يه غير أهله «. وانظر شح الذهبي لها.
(2) أخذ العلم على المخصص فيه هو الأولى والأسلم، ولا تصدق إذا قيل لك: إن فلاناً متخصص في كل فن أو في أغلب الفنون! هذا في القدماء، وي المُحدثين أولى وأحرى، ومن يدعي المعرفة بجميع الفنون فأحد رجلين ن إما مناد على نفسه بالجهالة، أو لا يدري ما التخصص!!.
(3) وهو ماعبر عنه الشاطبي بقوله:» أن يحصل له من فهم مقاصد ذلك العلم المطلوب، ومعرفة اصطلاحات أهله؛ ما يتم له به النظر في الكتب «اهـ الموافقات: (1/ 147).
(4) شرح مسلم (1/ 48).
(5) انظر صفة العالم المحقق في الموافقات: (1/ 139 – 145)
(6) وانظر حلية طالب العلم: (ص/55).
(7) منهاج السنة: (2/ 468).

ـ[حسام الدين الكيلاني]ــــــــ[15 - 02 - 06, 03:18 ص]ـ
جزاك الله كل خير ....

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير