تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فنحتاج إلى أن توقف أحد أملاككم من أجل ضمان ترميم المسجد إذا احتاج إلى ذلك فما كان من هذا الوجيه الا ان ادرك مراد الشيخ.

فيلحظ من هذا السياق ان هناك مقاومة للجديد بحجج قد لا تخلو من واجهة أو إحراج ولكن الشيخ بذكائه وبعد نظره أدرك المراد ورد بما يناسب بل لو تسامع أهل البلد بهذا الحوار بين الشيخ وهذا الوجيه لعرفوا مراد الشيخ واطمأنوا على صحة توجهه مما يجعلهم يتقبلون الجديد ويثقون بالشيخ فلا يحصل نوع من انفصام سواء كان مبطناً أو معلناً. والمسألة الأخرى التي تتعلق بالمسجد جلب مكبر الصوت إليه (المايكروفون) فقد أقدم الشيخ - رحمه الله - على توريده للمسجد على الرغم مما لقيه من مقاومة شديدة وبخاصة من بعض طلبة العلم والصلحاء الذين لهم مكانتهم وقبولهم في الناس لما عرفوا به من صلاح وتعبد ولكن نظراً لثقة الناس بالشيخ وعلمه وورعه وبعد نظره ونزاهته فلم يكن لهؤلاء تأثير كبير على قبول الناس لهذه الآلة الجديدة.

ولمزيد من ترسيخ قناعات الناس بهذا الشيء الجديد فكان الشيخ يخطب فيه يوم الجمعة ويعقد درساً عاماً يوم الاثنين بعد المغرب عن طريق مكبر الصوت. أما بقية الدروس اليومية العلمية فكالمعتاد من غير هذا الجهاز.

ومن دلائل قبول الناس وقناعاتهم بالشيخ وأفكاره أن المسجد يمتلئ يوم الجمعة حتى يصلى الناس في الشوارع والساحات المحيطة بالمسجد وكذلك الحال في درس يوم الاثنين بل ان النساء يأتين يوم الجمعة والاثنين للاستماع إلى الخطبة والدرس كما كان النساء في البيوت المجاورة تستمع إلى الخطبة والدرس من أسطح منازلهن. ومما زاد في جاذبية المسجد والاقتناع به جمال المبنى وحسن التصميم واضاءته بالكهرباء وفرشه مما لم يكن معهوداً ولا مألوفاً في ذلك الوقت.

النزهة البرية في يوميها (الرجال والنساء): على الرغم من حياة الشيخ الجادة واشتغاله بالعلم والقضاء والتدريس والإفتاء والاحتساب والسعي في حوائج الناس قضاء وشفاعة وامتلاء وقته ليلاً ونهاراً بالمفيد النافع له ولأهله ومجتمعه ودولته.

على الرغم من كل ذلك إلا أن الشيخ انيس المجلس لطيف المعشر يحدث جليسه ويؤانسه بما يناسبه إن كان عالماً أو وجيهاً أو فلاحاً من الحاضرة أو البادية في قدرة عجيبة على حسن الحديث والحوار والسؤال مع سعة في العلوم والمعارف والثقافة العامة والخاصة وشؤون المجتمع والأسر والقبائل. من أجل هذا فكان الشيخ يخصص بعض الجلسات والجلساء بجلسات سمر ومؤانسة وكان من المعتاد ان يخرج آخر النهار خارج المدينة مصطحباً بعض طلابه ومعارفه ليصلي المغرب هناك في جلسة مؤانسة ومتعة يتم فيها تجاذب أطراف الحديث والطرف في أمور علمية أو تاريخية أو اجتماعية مما تجري فيه العادة من مثله وجلسائه. ومن اللافت للنظر أنه حين كان في القصيم كان يخص يوماً كاملاً من أيام الربيع يخرج فيه مع طلابه ومحبيه ومعارفه ليقضوا يوماً ممتعاً وبخاصة إذا كان الوقت ربيعاً وجادت السماء بغيثها يسوقها الله عز وجل لتكتسي الأرض بهجة وجمالاً فتنبت من كل زوج بهيج كما وصف الله عز شأنه ويكون الذهاب عادة من الصباح الباكر والعودة آخر المساء في يوم بهيج ينثر فيه الشيخ مؤانساته على تلاميذه وإخوانه قائماً بكل ما يلزم وهذا لا يمنع أن يشارك من يرغب في المشاركة في بعض ما يتميز به فقد يحضر بعضهم لبناً خاصاً خالصاً وبعضهم فاكهة متميزة وهي نوع مشاركة لجلب المزيد من المتعة. وجلسات البرية تمتاز بانفتاحها وارتفاع كثير من صور التكلف التي تغشى الجلسات الرسمية وشبه الرسمية وكثير منهم يصطحبون أطفالهم ليزداد المنظر بهجة وسروراً. ولا تخلو الجلسة من مطارحات عملية خفيفة تناسب المقام ومشاركات أدبية تقتضيها المناسبة وفعاليات وابراز مواهب من سباق ورماية وسباحة ان لم يكن الوقت بارداً مما يجدد النشاط ويصقل المواهب ويرفع الهمم. ولا يقف نظر الشيخ عند هذا الحد بل انه يخص النساء بيوم يخرجن فيه إلى البرية ليأخذن نصيبهن من المتعة الربيعية فيخرج أهل البيت الشيخ ومعارفهم وجيرانهم ومن يتعلق معهم في جو عائلي ومتعة أصفها وقد شاركت فيها في يومها الرجالي ويومها النسائي فقد كانت صغيراً منحني سني حق المشاركة في اليومين والاستمتاع بالبهجتين. وذلك كله يعطى صورة على فكر هذا الشيخ وحسن التوظيف للأجواء والاحوال.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير