قال البقاعي في النكت الوفية: ((قالَ شيخُنا: ((ويمكنُ أن يوجهَ ذلكَ بأنَّ بعضَ أئمةِ الحديث وهو ابنُ خزيمةَ اصطلحَ على أن تقديمَ المتنِ - معَ بعضِ السندِ - على بعضِ السندِ الآخرِ دليلُ عُوارٍ في ذلكَ السّندِ بخلافِ تقديمِ جميعِ المتنِ على جميعِ السّندِ، فإنّهُ ليسَ لأحدٍ فيهِ اصطلاحٌ.
وينبغي أن يستثنى اصطلاحُ ابن خزيمةَ من إطلاقِ تجويزِ تقديم السّندِ على متنٍ سمعهُ مقدَّماً على بعضِ سندهِ فإنّهُ قالَ: ((لا أحلُّ لأحدٍ أن يرويَ حديثاً منها على غيرِ سِياقي)) أو نحوَ ذلكَ.
فإنّه لا يعدلُ عن سياقِ أحاديثِ كتابهِ إلا لشكٍ عندهُ في لحاقِ ذلكَ الحديثِ بشرطهِ، كأنْ يكونَ رجالُ الإسنادِ كلهم على شرطهِ إلا واحداً فلا يعلمُ فيه جَرحَاً ولا تَعديلاً.
وكذا إذا عَلِمَ فيه جَرحاً فإنّهُ قد يخرجهُ لبيانِ شيء فيهِ، كأنْ يكونَ الحديثُ فيهِ حكمٌ مطلقٌ، وفي تلكَ الروايةِ قيدٌ زائدٌ فيخرجهُ على هذا السياقِ ليبينَ أنَّ الحديثَ على إطلاقهِ، ولا التفاتَ إلى هذا القيدِ؛ لأنَّ سندَهُ ضعيفٌ.
وفي بعضِ الأحيانِ يقولُ: بيانُ كذا وكذا إنْ صَحَّ الحديثُ كما فعلَ
في صَلاةِ التَّسبيحِ.
وهوَ في ذلك كلِّه يبتدئُ من السندِ بالرجلِ الذي يتوقفُ فيهِ، ويسوقُ الحديثَ.
ثمَّ بعدَ الفراغِ منهُ، يذكرُ بقيةَ السندِ من أوَّلهِ إلى ذلكَ الرجلِ، ثمّ يبينُ ما عندَهُ في ذلكَ الرجلِ.
فليتنبه لهذا، فإنّ بعضَ الفقهاءِ عزا بعض هذهِ الأحاديثِ إلى " صحيحِ ابنِ خزيمةَ " غير مُبيِّنٍ لهذهِ العلةِ)) انتهى كلامُ شيخِنا.
وقد أفهمَ آخرُ كلامهِ: أنّه لو بينَ الحالَ لم يكنْ مُسيئاً في عزوهِ إلى
ابنِ خزيمةَ وذلكَ بأنْ يقولَ مثلاً: رواهُ ابن خزيمةَ مقدِّماً من السندِ من فُلانٍ
إلى منتهاهُ ومؤخِّراً الباقي، ومن عادتهِ أنّهُ لا يفعلُ ذلكَ إلاّ لخللٍ في الحديثِ
فلا يكونُ على شرطهِ في الصِّحةِ، وينتظم من هذا العزوِ فيقال: حديثٌ
متصلُ السندِ، وليسَ موضوعاً لا تجوزُ روايتهُ معزواً إلى مخرجهِ إلا مقروناً ببيانِ
حالهِ)).
النكت الوفية 2/ 257 - 258.
وقول الحافظ ابن حجر أشار إلى بعضه السخاوي في فتح المغيث 2/ 257. وانظر: تدريب الراوي 2/ 119.
وما نقله ابن حجر عن ابن خزيمة هو في مختصر المختصر عقب (445)، وعبارته: ((ولا أحلّ لأحد أن يروي عني هذا الخبر إلاّ على هذه الصفة؛ فإن هذا إسناد مقلوب)).
وفيما يتعلق بقول ابن خزيمة: ((إن صح الخبر)) قال ابن خزيمة في " مختصر المختصر " قبيل (1216): ((باب صلاة التسبيح إن صحّ الخبر؛ فإن في القلب من هذا الإسناد شيئاً)).
ووقع مثل هذا كثير في " مختصر المختصر "، وانظر على سبيل المثال قبيل حديث (1402)، وقبيل حديث (1431)، وقبيل حديث (1464).
ـ[ماهر]ــــــــ[30 - 10 - 04, 12:14 م]ـ
وقد سبق أن كتبت في هذا الملتقى المبارك حول تقديم ابن خزيمة المتن على السند، وقد رأيت إعادة ما كتبته هنا؛ للحاجة إليه: وجدتُ ابن خزيمة في بعض الأحاديث يقدم المتن على السند ثم يسوق الإسناد وهذا منه إشارة إلى ضعف الحديث أو أنه ليس على شرطه وقد وجدتُ ابن خزيمة قد التزم بهذا في الأعم الأغلب انظر الأحاديث التالية:
210 وهو صحيح، 429 وهو حسن، 433 وهو صحيح، 441 وهو ضعيف، 442 وهو ضعيف، 443 وهو ضعيف، 444 وهو ضعيف، 445 وهو ضعيف، 468 وهو ضعيف وأشار إلى علته، 469 وهو ضعيف وأشار إلى علته، 470 وهو ضعيف وأشار إلى علته، 560 وهو ضعيف، 835 وهو صحيح، 836 وهو صحيح، 837 وهو صحيح، 838 وهو ضعيف، 1138 وهو ضعيف، 1212 وهو ضعيف، 1213 وهو ضعيف، 1214 وهو ضعيف، 1215 وهو ضعيف، 1692 وهو ضعيف، 1254 وهو ضعيف، 1342 وهو صحيح، 1972 وهو ضعيف، 1973، وهو ضعيف، 2007 وهو ضعيف، 2317 وهو ضعيف، 2328 وهو حسن، 2462 وهو صحيح، 2642 فيه لفظتان شاذتان ضعفها المصنف، 2691 وهو ضعيف، 2697 وهو ضعيف، 2773 وهو ضعيف، 2833 وهو ضعيف، 2840 وهو ضعيف، 2841 وهو ضعيف، 2886 وهو صحيح، 2908 وهو حسن، 3068 وهو ضعيف.
ومنهج ابن خزيمة هذا نقلهُ عنه أهل العلم قال الحافظ ابن حجر: ((وقاعدة ابن خزيمة إذ علق الخبر لا يكون على شرطه في الصحة ولو أسنده بعد أن يعلقهُ)). (إتحاف المهرة 2/ 365 (1975)، وقال في 6/ 477 (6849): ((هذا اصطلاح ابن خزيمة في الأحاديث الضعيفة والمعللة يقطع أسانيدها ويعلقها ثم يوصلها، وقد بين ذلك غير مرة))).
وقد قال الحافظ ابن حجر أيضاً: ((تقديم الحديث على السند يقع لابن خزيمة إذا كان في السند من فيه مقال فيبتدئ به، ثم بعد الفراغ يذكر السند، وقد صرح ابن خزيمة بأن من رواه على غير ذلك الوجه لا يكون في حل منهُ)). (تدريب الراوي 2/ 119).
الدكتور ماهر ياسين الفحل
دار الحديث
¥