المخطوطات العربيّة بين يدي التحقيق ... منقول ...
ـ[طويلب علم صغير]ــــــــ[27 - 10 - 04, 02:20 ص]ـ
... منقول ...
المخطوطات العربيّة بين يدي التحقيق
كثيراً ما يتساءل الأدباء: هل التحقيق في مستوى التأليف؟
وهل يُنظر إليه من الناحية العلمية بمنظار التقدير والأهمية
الحق أن التحقيق جهد علمي مشكور، إذا قصد صاحبه خدمة العلم والإخلاص له. وقد يتطلب التحقيق وقتاً أطول من التأليف. كما أن خدمة الكتاب القديم، وإلباسه اللبوس العلمي الجديد أمر لا يقل بحال عن التأليف. وما زالت أنظار العلماء تتلفت نحو المحققين، وتوليهم الاحترام والتقدير الزائدين، ولا سيما ممن أخلص في عمله، وأصاب في نتاجه. أما من حيث المردود، فالتأليف الجيد يعادل التحقيق الجيد.
ولعل أثمن المخطوطات التي نحن بحاجة ماسة إلى إراءتها النور، ونحض على كشفها، تلك التي ألفها أصحابها عن تراجم الأعلام، والتعريف بالكتب، ودواوين الشعراء الذين فقدت مجموعاتهم، أو منتخبات شعرية لأعصر قل فيها التراث المبذول بين الأيدي.
وفي الحق فإن ما وصل إلينا كان تراثاً ضخماً –وما ضاع كان أضخم- ولا سيما حين تتهيأ الظروف المناسبة لطبع المخطوطات كلها، أو الثمين منها على الأقل. وتتجه أنظار القطر العربي السوري اليوم إلى إحياء تراثنا العلمي بطبع المخطوطات في تاريخ الطب، والهندسة، والبيطرة، والزراعة ... وعلى هذا يدأب معهد التراث العلمي العربي بجامعة حلب، لأنها تؤكد على مكانة العرب العلمية في مرحلة ترأسوا فيها عملية الإبداع في العلوم.
ونقف أمام من يشتغلون بالمخطوطات وقفة إجلال وتقدير، لأنهم وقفوا أحلى ساعات حياتهم على العيش في رِداهِ المكتبات وبين أروقتها ينبشون كنوز العرب، ويقدمونها للأجيال تنهل منها ما طاب لها، وكأنهم جنود صامتون صامدون، متربصون خلف متاريسهم وداخل خنادقهم.
والعمل بالمخطوطات فن من فنون الأدب الحديثة، مما لم يكن معروفاً قبلاً.
وقد اتجهت الأنظار إليه منذ وجدت المطبعة، ومنذ أخذ المستشرقون بطبع تراثنا العربي ... فلهم الفضل في السبق، وعلينا واجب المتابعة والنبش والإحياء.
ولما كان الحديث عن هذا الموضوع جديداً، ولما كان فناً حديثاً فقد وجبت الإشارة إلى بعض النقاط المهمة، التي من شأنها أن تعين القارئ على الانخراط في هذا الميدان، أو تقدير المشتغلين حق قدرهم. وككل فن، لم يكن له حتى اليوم قواعد مرسومة، ولا شروط مقننة معلومة. لأن المشتغل بالمخطوط يفترض أن يكون في مستوى علمي راق، وتجربة في حقل التأليف مشكورة. ومع ذلك فقد أخذت بعض الدراسات تشرئب أعناقها، وتثبت جدراتها أمثال دراسة جدية للدكتور عبد السلام هارون، ودراسة مثيلتها للدكتور صلاح الدين المنجد من البلاد العربية. ولكن هاتين الدراستين موجزتان جداً، على أهميتهما، ولا يتعدى ما فيهما نتائج تجاربهما الشخصية العميقة.
وإن الذي جرى عليه المستشرقون قبلنا، وكبار المحققين من العرب ومن المسلمين يكاد يتشابه في أفضل النقاط وأهم الركائز. وهذا يثبت أن المشتغلين في هذا المضمار بلغوا مرحلة من النضج الفكري، تجعلهم يتشابهون مع غيرهم من أندادهم المستشرقين.
حتى الطلاب الذين تعتمد رسائلهم الجامعية العليا على دراسة مخطوطة معينة، يخرجون بها إلى النور، وكأنها جارية على القوانين المنهجية المتبعة، لأن أساتذتهم، الذين استقوا من منابع متشابهة –مشرقية أو مستشرقية- دربوهم، وأمسكوا بأقلامهم وأيديهم، وهدوهم سواء السبيل.
المشرفون على المخطوطات:
يعد الموظف المشرف على المخطوطات صلة الوصل بين الخزائن والمحقق.
ولهذا يفترض به أن يكون على بينة تامة من عمله، وأن يتحلى بصفات تؤهله لأداء رسالته خير أداء. من ذلك:
1 - أن يكون ذا إطلاع كبير على أمات الكتب والمراجع والمعاجم.
2 - أن يجري دورة علمية كاملة، تؤهله لشرف الحفاظ على كنز أمته، كأن يتقن أمور التصنيف والتبويب، وأن يلم بأمور التحميض والتصوير والتظهير، وأن يجيد عملية ترميم المخطوطات وطرق المحافظة عليها.
¥