بابٌ: فيمن عُرِفَ بتصوير (كتب التراث) من أدوار النشر المصرية
ـ[محمد بن يوسف]ــــــــ[30 - 12 - 04, 08:22 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحدَه لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وآله وصحبة وسلم تسليمًا كثيرًا.
وبعد؛
فلا يخفَى على طالب العلم أهمية الكتاب وشغف صاحبه به، وتقديمه على جميع ملاذِّه ورغباته. وإنا نحمد الله عز وجل أن طلبة العلم -هذه الأيام- قد تَوَجَّهوا وُجهة صحيحة؛ فبدأوا يبحثون –بشغف- عَن طبعات كتب التراث الأصيلة النفيسة، المُعتَنَى بإخراجها وتصحيحها وتحقيقها، مِن قِبل ثلة مِن علماء الأمَّة المخلصين، لا كمُصَحِّحي طبعات زماننا! وإلى الله المُشتَكَى. غير أن هذه الثورة (المحمودة) إن لم تنضبط انقلَبَت بالعكس على صاحبها؛ فلا هو حَصَّل ما يُريد من تلك الطبعات، ولا انتفع بما بَين يديه ليل نهار من الطبعات، مما يَروي بعضًا من غليله.
ولكم أعجبتني كلمة فضيلة الشيخ (عبد الرحمن الشهري) –حفظه الله تعالى-، والتي حُقَّ لها أن تُكتَبَ بماء الذهب، حينما كان يعلق على موضوع خاص بطبعات "تفسير ابن كثير" وما اعترى بعضها من سَقط –ولا يخفى كثرة طبعات الكتب-، قال: "والنقص مهما طال يسير، ولكن من يصبر على إتمام القراءة للكتاب قراءة فك ودرس كما ينبغي للكتب الأمهات، وإذا لم يبقَ على طالب العلم إلا موضع السقط فسامحه الله [يعني: فيسامحه الله]، وهو معذور. لكن ربما دققنا في صفحة فيها سقط، وتركنا الآف الصفحات الصحيحة دون تدبر وتأمل وفهم". اضغط هنا ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=103&page=2)
وهذه هي عين المشكلة؛ أن طالب العلم يريد طبعة لا يَخُط فيها خَطًّا بتصحيح خطأ مطبعي، أو استدراك سطر ناقص، أو تعليق كتبه أحد المحققين المُتقنين ينقله إلى هامش طبعته، أو ضَبط كلمة لم تَضبَط في نسخته = فهو يُريد –إذن- كتابًا للقراءة فقط! لا يُعمِل فيه عقله بتصحيح أو تصويب أو استدراك! فكيف يَنبُغ إذَن؟! وهل يتخرج العلماء على مثل هذه الكتب؟! مع أن هذا دونَه خرط القتاد! ولقد رأيتُ كتب بعض الفضلاء قد ازدانت بتعليقات وتصويبات وإحالات قد تكون أنفس من الكتاب نفسه! فمثلاً: أخرج هذا الفاضل تعليقاته وإحالاته على كتاب "تحفة الأشراف" –المطبوع في 12 مجلدًا- في ستة مجلدات مطبوعة!
بل إن الطالب قد لا (يتجرأ) على أن (يُلَوِّث) كتابه بخط يده! حتى لا يُعَكِّر على رونقه وبريقه وجمال شكله وبياض وَرَقه! فهل هذا جيلٌ يُراد له أن يَرِثَ أجداده العلماء المحققين حقًّا؟ والله المُستعان.
وهذه نفثة مَصدور كتبتها، ولا أبرئ نفسي –والله يعلم- من كثيرٍ مما قلتُ! نسأل الله أن يصلحني وإياكم، ويستعملنا لطاعته، ويوفقنا لاستدراك ما ينقصنا.
وأعتذر عن هذا الاستطراد الطويل، ولَمَّا أدخل في الموضوع بعدُ!
أقول: إن كان أمر تلك الطبعات النفيسة هكذا؛ فقد انتبه بعض أصحاب أدوار النشر لهذا الأمر؛ فَلجأوا إلى تصوير تلك الطبعات بعد نفادها، أو قبله، أو لندرتها. فكان ما فعلوه خدمة عظيمة للعلم وأهله، لولا ما عكروا على ذلك بنسبة تلك الطبعات إلى أنفسهم، وحذف اسم الناشر الحقيقي من على طُرَّة الكتاب! فأساءوا إلى أنفسهم بهذه (السَّرِقَة)، ودَلَّسوا على طلبة العلم وغَيَّبوهم عَن الانتفاع بتلك الطبعات! فكم من طالب يمر على طبعة (هندية) لأحد الكتب ويجد مكتوبًا على طُرَّة الكتاب "دار الكتب العلمية" فينحرف عنها ويستغفر الله! وكم من طالب يجد أحد الكتب مكتوبًا عليها "دار الحديث بمصر" فلا يفتح الكتاب أصلاً –لما عُرِف عنهم من كثرة الأخطاء الإملائية-، وإنْ فَتَحَه وجد توقيع العلامة (المعلمي اليماني) على آخر صفحاته! وإنا لله وإنا إليه راجعون. فالسدادَ السدادَ من كِلا الطَّرَفَين.
.... فاستخرتُ الله عز وجل أن أكتب ما تيسر لي من أسماء أدوار النشر التي صَوَّرَت بعض الطبعات النفيسة لكتب العلوم الشرعية، مقتصرًا في ذلك على كتب التراث، ذاكرًا ما تيسر لي من تلك المطبوعات، لا على وَجه الاستيعاب. بادءًا بأدوار النشر المصرية؛ لعدم شهرتها في هذا الأمر، وخدمةً لإخواني وأحبابي المصريين، الذين هم في أشد الحاجة لهذا الأمر. ولا يخلو الأمر من فائدة لجميع الأطراف.
¥