ولأنَّ القارئ قد يقول: ولماذا لا نُقَدِّم رأي الشيخ (مُصطفى)؟! قام المؤلِّف بـ "تَتبع ثلاثين حَديثًا مِن تَحقيق (مُصطفى) لِمُنتَخَب عَبد بن حميد"؛ (ليُظِهرَ لطالِب العِلم مكانَتَه مِن هذا العِلم الشَّريف؛ وذلك لأنَّ تَحقيق (مُصطفى) لهذا المُنتَخَب يُعتَبَر العَمل الحَديثيّ الصِّرف الوَحيد) –كما يقول المؤلِّف (ص 72).
وعودًا على بِدء أجاب المؤلِّف عَن سؤالٍ فَحواه: "هل وَعَى (مُصطفى) مَعنَى رَمي الشيخ [رَحِمَه الله] بالتَّساهُل في تَصحيحِ الأحاديث؟ "، ومِن مَعاني ولوازِم هذا التَّعَقُّب أنَّ الشيخ (مُصطفى) أكَبَر قَدْرًا مِن العلامة (الألباني) فلذا فهو يَتَعقَّبَه؛ فَـ "حُكم مُصطفى على شَيخِنا (الألباني) [رَحِمَه الله] قَلبٌ للأمر" –كما عَنوَن المؤلِّف.
وكان مِن البَديهي أن يَرُدَ المؤلِّفُ على ادعاء الشيخ (مُصطفى) على تساهل (الألباني) –رَحِمَه الله؛ فهو إنَّما ألفَ كِتابَه لهذا الغَرض؛ وكان مَنهَج المؤلِّف في هذا القِسم أنَّه أجمَلَ أسبابَ اتهام الشيخ (مُصطفى) للعلامة (الألباني) –رَحِمَه الله- بالتَّساهُل في أربعة عناصر، ثم فَصَّل الإجابة عَن كُلَِّ عُنصُرٍ على حِدًّة، وهذه العناصر هي:
1 - الاغترار بكثرة طُرُق الحَديث فيقويه مع شِدَّة ضَعفِها.
2 - وجود عِلَل تَرُد الأسانيد بعضها لبعض، ولا يَنظُر إلى أوجه إعلالها.
3 - التَّساهُل في تَوثيقِ الرِّجال عامَّة.
4 - التَّساهُل في تَوثيقِ المَجاهيل خاصَّة.
وتَكرارًا لما كان المؤلِّفُ قد فَصَّل الكلامَ فيه بَيَّن المؤلِّف "قَدر (مُصطفى) في عِلم الحَديث".
ثم أدرج المؤلِّفُ في كِتابِه جَدولا بَيَّن فيه بَعضَ الأخطاء اللُّغَوِيَّة في رسالة للشيخ (مُصطفَى) اسمُها: «عَدد رَكعات قيام الليل».
ثم خَتَم المؤلِّفُ كِتابَه بالإجابَة على سؤالَين:
1 - هل انتساب (مُصطفى) للسُّنَة انتسابٌ خالِص؟
[مُلاحظَة: لقد تَراجَعَ المؤلِّفُ عَن هذا العُنوان، وعَدَّلَه إلى "مكانَة (مُصطفى) مِن السَّلَفيَّة" –كما في كِتابِه «التَّفنيد لكِتاب التَّرشيد»، ص 30؛ وعَلَلَّ ذلك بِقَولِه: "لأنَّ الطَّعنَ في انتساب الشَّخص للسُّنَة طَعنٌ في عَقيدَتِه، أمَّا الطَّعنُ في صِحَة انتساب الشَّخص للسَّلفيَّة فإنَّه طَعنٌ في مَنهَجِه ... واسم الباب يَحتَمِلُ الطَّعنَ في العَقيدة؛ وليس مُطابِقًا لِمَا في الباب، ولذا عَدَلتُ عَنه، ونسألُ اللهَ العَفو" اهـ كلامُه بتصرُّف يسير].
2 - ما هي مكانَة (مُصطفى) مِن الأمانة العِلميَّة؟
وبهذا يَنتهي الكِتابُ الذي ألحقَ به المؤلِّفُ فهرست الموضوعاتِ.
التقويم: الكِتابُ جَيِّدٌ في الجملة، جاء في وَقتِه؛ ليَذُبَّ عَن العلامة ناصر الدين الألباني –رَحِمَه الله تعالى-، لكن جاءت موضوعاتُ الكِتاب مُفكَّكَة مُتنافِرَة بعضُها عن بعض، فإذا حَذَفت مِنها شيئًا أو قَدَّمَتَ بينها أو أخَرتَ لم تَجِد فارِقًا كَبيرًا!
ويؤخَذُ على المؤلِّف أنَّه جانَبَه الإنصافَ بعضَ الشيء، وذلك في أمور:
(1) عَرَّى المؤلِّفُ الشيخَ (مُصطفى العدوي) عَن أي لَقَبٍ، وذلك في كل مُناسَبَة يَذكُرُ فيها اسمَه؛ فهو يقول: "لماذا خَصَّ (مُصطفى) ... " (ص 12)، "موقف (مُصطفى) " (ص 20)، "كَتَب (مُصطفى) " (ص 22)، وهكذا مِن بدايَةِ الكِتاب إلى نِهايَتِه!
وهذا لا يَنبغي؛ فَتوقيرُ أهلِ العِلم وتَبجيلُهم واجِبٌ، وتأمَّل عِندما رَدَّ العلامة (عبد الرحمن بن يحيَى المُعلمي اليماني) –رَحِمَه الله- على (محمد زاهد الكوثري) – وهو مَن هو -، كان يُناديه بـ "الأستاذ العلامة" (كما في مُقَدِّمَة «التَّنكيل»)!!! وكذا الشيخ (الألباني) –رَحِمَه الله- كان يُنادي الشيخَ (إسماعيل الأنصاري) رَحِمَه الله – مع مخالفته له - بِقَولِه: "الشيخ"، بل قال عَنه: "هو عِندي مِن أفضَلِهم وأعلَمِهم [أي مِن أفضَل المُعتَرِضين على الشَّيخ في مسألة "صلاة التراويح"] (راجع: مُقَدِّمَة رسالتِه «قيام رَمضان»)، هذا مَع الخِلاف الشَّديد بَينَهما.
فانظر كيف يُنادي الشيخ (الألباني) –رَحِمَه الله- المُخالِفَ مَعه، ألا يَليقُ هذا بِمَن يُدافِع عَن (الألباني) –رَحِمَه الله- ضِد مُخالِفه؟!!
¥