13 - وقد اعتمد أ. سزكين على بعض المعتزلة إضافة إلى المستشرقين فنقل طعنهم ببعض المفسرِين التابعين، ثم أتبعه بافتراء آخر عليهم وعلى ابن عباس بأن تفاسيرهم تضمٍ تصويراَ لعالم الغيب فقال: وقد رمى أبو إسحاق النظَّام - وله مكانته بين المعتزلة - عددا من المفسرين منهم: عكرمة والضحاك - كلاهما تلميذ ابن عباس - بأنهم فسروا القرآن بشكل تعسفي خالص لا يقوم على أساس من المأثور. وأهم تلاميذ ابن عباس في التفسير:
1 - سعيد بن جبير (المتوفى 95 هـ/713 م).
2 - مجاهد (المتوفى 4 0 1 هـ/ 722 م).
3 - عكرمة (المتوفى 105 هـ/23 7م).
4 - الضحاك بن مزاحم (المتوفى 05 1هـ/723 م).
5 - عطاء بن أبي رباح (المتوفى 14 1هـ/732 م).
وتضم تفاسير هؤلاء العلماء وتفسير شيخهم ابن عباس شروحاً تاريخية وفقهية وتصويراً لعالم الغيب، إلى جانب توضيحات كثيرة ذات طابع لغوي، تدخل في دراسة مفردات اللغة [44]. اهـ.
لقد أخفق أيضاً في نقله عن النظَّام المعتزلي لأن رأي هذا المعتزلي معزول عن آراء النقاد من أهل السنة والجماعة من الذين مارسوا علم الجرح والتعديل، لقد اتفق النقاد جميعاً على توثيق هذه النخبة المرموقة من التابعين المفسرين ولم يذكروا فيهم ما قاله النظَّام، بل إن تفسيرهم يقوم على أساس التفسير بالمأثور وخصوصاً عن شيخهم ابن عباس اللهم إلا رواية الضحاك فمنقطعة وتفسيره بواسطة سعيد بن جبير [45] فهو من التفسير بالمأثور أيضاً بل هم من أركان التفسير بالمأثور.
وعلى سبيل المثال لو تتبعنا مروياتهم في كتب التفسير والحديث المسندة لرأينا الحال لا يخلو من ثلاثة أمور:
أولا: أن رواياتهم مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بواسطة الصحابة وخصوصاً بواسطة شيخهم ابن عباس رضي اللّه عنهما [46].
ثانياً: أن رواياتهم عن الصحابة رضي اللّه عنهم وخصوصاً عن شيخهم ابن عباس رضي اللّه عنهما قد انتثرت وانتشرت في أهم التفاسير المعتمدة كتفسير الطبري وابن أبي حاتم وعبد الرزاق وغيرهم وازدانت بها، فهي مشحونة بالنقل عن هؤلاء التابعين عن الصحابة وأشرت سابقاً أن تفسير ابن عباس قد جمع في الرياض ومكة المكرمة وطرق هؤلاء التابعين هي من مظان هذا الجمع.
ثالثاً: روايات من فهمهم وقد أشرت إليها قبل بضعة استدراكات. وإنها في نطاق الاستنباط من القرآن الكريم والسنة ومن لغة العرب ومن أوجه القراءات المتواترة وما نقله بعضهم عن أهل الكتاب بحدود النوع الأول والثالث كما نقلت عن شيخ الإسلام ابن تيمية في الاستدراك رقم (4).
فأين التفسير المذكور الذي نسب إلى هؤلاء التابعين المفسرين بأنهم فسروا القرآن بشكل تعسفي خالص لا يقوم على أساس من المأثور. إنهم أركان التفسير بالمأثور وما ورد عنهم من مراسيل فإن صحت من طرق عن التابعين فإنها تقوي بعضها بعضاً، ولو تتبعنا كتب التفسير بالمأثور لرأينا ألوف الروايات التفسيرية المنقولة عن هؤلاء التابعين، وأختم هذه المسألة بأن ما نقل عن أبي إسحاق النظّام وقع فيه المعتزلة جميعاً فتفسيرهم لا يقوم على أساس من المأثور وكتبهم تشهد بذلك ويناسب أن نقول للنظّام ومن تبعه من المستشرقين في نيله من كبار التابعين المفسرين: (رمتني بدائها وانسلت).
أرأيت الذي ينكر جهود أساطين التفسير؟ فهذا سعيد بن جبير يرحل من الكوفة إلى مكة المكرمة ليسأل ابن عباس رضي اللّه عنهما عن تفسير آية [47]، فلو كان من أهل الرأي لفسر برأيه وأراح نفسه ولم يتجشم مشقة السفر آنذاك.
14 - هذا وقد أخطأ أ. سزكين في استدلاله بسؤالات نافع بن الأزرق لابن عباس أن التفسير اللغوي الخالص للقرآن الكريم بدأ بإجابات ابن عباس على أسئلة نافع بن الأزرق فقال: ويبدو أن محاولات التفسير اللغوي الخالص للقرآن الكريم بدأت بإجابات ابن عباس على أسئلة نافع بن الأزرق أحد زعماء الخوارج [48].
وأقول أن هذا الاستدلال لا يقوي ما ذهب إليه أ. سزكين لأن هذه الأسئلة لم تثبت، فقد وصلت إلينا بواسطة الطبراني في ((المعجم الكبير)) [49]، وابن الأنباري في كتابه ((الإيضاح في الوقف والابتداء)) [50]، والسيوطي في كتابه ((الإتقان في علوم القرآن)) [51]،
¥