1 – البخاري على جلالته و شهرته، فإنه قد قيل لم يرو عنه صحيح البخاري إلا رواةً قليلين، بل قد قال بعضهم، إنه لم يرو عنه صحيح البخاري إلا راو واحد، و هو: محمد بن يوسف الفربري، و الفربري وردت عنه عبارة أنه قال: " سمع معي صحيح البخاري تسعون ألفا، ولكن لم يبق يرويه إلا أنا "، و هذا ليس بصحيح، بل هناك عدة رواة رووا صحيح البخاري، مثل: حماد بن شاكر، إبراهيم بن معقل النسفي، يصلون إلى خمسة رواة، و أشهرها: رواية الفربري، لأنها هي الأكمل، و الباقي: الظاهر أن فيه نقصا.
2 – بعض الناس يخطئ في الفهم، فيظن أن الحافظ ابن حجر اعتمد في شرحه على صحيح البخاري على رواية أبي ذر، فأخذوا يتلمسون صحيح البخاري برواية أبي ذر، و هذا ليس بصحيح، فإن أبا ذر عبد بن أحمد الهروي، يروي صحيح البخاري عن ثلاثة: الكُشْمَيْهَنِي، و ابن حيويه، و السَرَخْسِي، و هؤلاء الثلاثة يروونه عن الفربري، فمن أراد أن يجمع رواية أبي ذر، فعليه أن يجمع رواية أبي ذر عن هؤلاء الثلاثة، فربما اختلفت و ذلك قليل، و الحافظ ابن حجر يذكر الخلاف بين الرواة الثلاثة، و ربما نقل الخلاف إلى الرواة الآخرين، فيقول: و في رواية الأصيلي كذا، و في رواية أبي الوقت كذا .... و هكذا.
3 – ممن انتقد أحاديث الصحيحين: الدارقطني، ابن عمار الشهيد، الغساني الجياني، و أبو مسعود الدمشقي.
4 – البخاري في الغالب يتحمل الأحاديث عن شيوخه بلفظ السماع أو التحديث أو نحوهما، و في بعض الأحاديث يقول فيها: " قال فلان "، و يكون هذا الراوي من شيوخه، فلماذا عدل البخاري إلى هذه العبارة؟
الجواب: عُرف بالاستقراء أن البخاري إذا استعمل عبارة " قال " في الرواية عن شيوخه، فإنها لا تخلو من حالين:
أ - إما أن يكون ذلك المروي أثرا عن صحابي أو تابعي، و البخاري يحرص على تخريج المرفوعات.
ب- و أحيانا يستعملها في المرفوعات، و لكنها لا تكون على شرطه.
5 – نجد في بعض المواضع من صحيح البخاري، المتنَ قبل الإسناد، و هو في الغالب يقدم الإسناد على المتن، فهل الأمران سِيَّان؟
الجواب: عُرف بالاستقراء أن الأمر يختلف، فإذا قدم البخاري المتنَ على الإسناد، فإن ذلك الحديث لا يكون على شرطه.
و قد صرح بذلك غير البخاري، و هو: ابن خزيمة، فابن خزيمة يقدم أحيانا المتنَ على الإسناد، لأجل التنبيه على أن هذا الحديث ليس صحيحا، و إنما ذكره لغرض من الأغراض.
6 - و على هذا فليس كل حديث يورده ابن خزيمة هو صحيح عنده، بل قد يخرج أحاديث يضعفها هو، و قد يذكر بعض الأحاديث و يتوقف فيها، كما قال: [باب بيان أن من أفطر يوما من رمضان من غير عذر، لم يقضه صيام الدهر و إن صامه، إن صح الخبر، فإني لا أعرف أبا الْمُطَوَّس و لا ابنَه بعدالة و لا جرح] ثم يورد الحديث بسنده ومتنه.
7 – يستعمل الإمام أحمد و أبو داود – خاصة أبو داود – إذا ذكر في بعض الأسانيد: حدثنا فلان و فلان المعنى، فكلمة " المعنى " تشكل على بعض طلبة العلم، فبعضهم يقرؤها " المعني " و يجعلها نسبة للراوي الأخير، كأن يقول: " حدثنا إسحاق و قتيبة المعنى "، فيظنها: " قتيبة المعني ".
و هذا غلط، و إنما المراد: أن معنى حديثهم: واحد، أي معنى حديث إسحاق و قتيبة واحد، فساقه مساقا واحدا، فهو لم يسقه بسياق واحد منهما، بل دمج حديث هذا في حديث هذا، و هذه المسألة فيها كلام عند أهل الحديث، فكثير منهم يكره هذا الصنيع، و يقول: " الأولى أن يأتي بالحديث بلفظ واحد، حتى نعرف بأن هذا لفظ فلان، و هذا لفظ فلان ".
و هذا الصنيع إذا كان إسناد رجالهما كلهم ثقات، فالأمر أهون، لكن يزداد الإشكال إذا كان شيخ قتيبة – مثلا – ضعيفا، و شيخ إسحاق ثقة، و شيخاهما رويا الحديث عن شيخ واحد، ثم يكون المتن مدمجا بين هذين الشيخين اللذين أحدهما ضعيف و الآخر ثقة، يكون فيه إشكال، لأن بعض اللفظ يكون ضعيفا، و لكن يبدو أن هؤلاء الأئمة يتنبهون لمثل هذه المسائل، و لا يأتون بالألفاظ إلا محررةً و متقنة، و لا يأتون بألفاظ يمكن أن تكون ضعيفة.
¥