تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تعالى – رداً عليهم: (قل هل أنبئكم على من تنزل الشياطين، تنزل على كل أفاك أثيم) أي إنها تنزل على الكذاب الفاجر المتلطخ بالذنوب، وما جربتم علي كذباً، ولا وجدتم في فسقاً، فكيف تقولون إن القرآن من تنزيل الشيطان؟

وأحياناً كانوا يقولون عن النبي صلى الله عليه وسلم إنه قد أصابه نوع من الجنون، فهو يتخيل المعاني ثم يصوغها في كلمات بديعة رائعة، كما يصوغ الشعراء، فهو شاعر وكلامه شعر، قال الله تعالى رداً عليهم: (والشعراء يتبعهم الغاوون، ألم تر أنهم في كل وادٍ يهيمون، وأنهم يقولون ما لا يفعلون) فهذه ثلاث خصائص يتصف بها الشعراء، ولا توجد واحدة منها في النبي صلى الله عليه وسلم فالذين اتبعوه هداة، متقون، صالحون في دينهم، وخلقهم وأفعالهم، وتصرفاتهم، ومعاملاتهم ولا توجد عليهم مسحة من الغواية في أي شأن من شئونهم، وهو لا يهيم في الأودية كلها كما يهيم الشعراء، بل يدعو إلى رب واحد، ودين واحد وصراط واحد، وهو لا يقول إلا ما يفعل، ولا يفعل إلا ما يقول، فأين هو من الشعر والشعراء؟ وأين الشعر والشعراء منه.

الرابع: النقاش والجدال:

وكانت ثلاث قضايا استغربها المشركون جداً، وكانت هي الأساس في الخلاف الذي حصل بينهم وبين المسلمين في أمر الدين، وهي: التوحيد والرسالة، والبعث بعد الموت، فكانوا يناقشون في هذه القضايا، ويجادلون حولها.

فأما البعث بعد الموت فلم يكن عندهم في ذلك إلا التعجب والاستغراب، والاستبعاد العقلي فقط، فكانوا يقولون: (أإذا متنا وكنا تراباً وعظاماً أئنا لمبعوثون، أو آباؤنا الأولون) وكانوا يقولون: (ذلك رجع بعيد) وكانوا يقولون: (هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد، أفترى على الله كذباً أم به جنة) وقال قائلهم:

أموت ثم بعث ثم حشر حديث خرافة يا أم عمرو

وقد رد الله عليهم بأنواع من الردود، حاصلها أنهم يشاهدون في الدنيا أن الظالم يموت دون أن يلقى جزاء ظلمه، والمظلوم يموت دون أن يأخذ حقه من ظالمه، والمحسن الصالح يموت قبل أن يلقى جزاء إحسانه وصلاحه، والمسيء يموت قبل أن يعاقب على سيئاته، فإن لم يكن بعد الموت يوم يبعث فيه الناس فيؤخذ من الظالم للمظلوم، ويجزى المحسن الصالح، ويعاقب المسيء الفاجر، لاستوى الفريقان، ولا يكون بينهما فرق، بل يصير الظالم والمسيء أسعد من المظلوم والمحسن التقي، وهذا غير معقول إطلاقاً، وليس من العدل في شيء، ولا يتصور من الله سبحانه أن يبني نظام خلقه على مثل هذا الظلم والفساد، قال تعالى: (أفنجعل المسلمين كالمجرمين،ما لكم كيف تحكمون) وقال: (أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون) وأما الاستبعاد العقلي، فقال: رداً عليهم في ذلك: (أأنتم أشد خلقاً أم السماء .. ) وقال: (أو لم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحي الموتى بلى إنه على كل شيء قدير) وقال: (ولقد علمتم النشأة الولى فلولا تذكرون) وقال: (كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين) وذكرهم ما هو معتاد لديهم، وهو أن الإعادة (أهون عليه) وقال: (أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد).

وأما رسالة النبي صلى الله عليه وسلم فكانت لهم حولها شبهات مع معرفتهم واعترافهم بصدق النبي صلى الله عليه وسلم وأمانته وغاية صلاحه وتقواه، وذلك أنهم كانوا يعتقدون أن منصب النبوة والرسالة أعظم وأجل من أن يعطى لبشر، فالبشر لا يكون رسولاً، والرسول لا يكون بشراً، حسب عقيدتهم، فلما أعلن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نبوته ورسالته، ودعا إلى الإيمان به تحير المشركون، وتعجبوا، وقالوا: (مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق) قال تعالى: (بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء عجيب) وقالوا: (ما أنزل الله على بشر من شيء).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير