شهد له رب البرايا بوافر الحظ في الخلق وعظيم القدر في السجايا قال تعالى ((وإنك لعلى خلق عظيم))
هو المحمود حساً ومعنى، فصفاته الحسية،جماله،نظافته، طيب رائحته ليس يضاهيها إلا نظافة قلبه وطهارة أخلاقه وكريم صفاته
عن أنس، قال: [ما شممت عنبراً قط، ولا مسكاً، ولا شيئاً أطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم].
وعن جابر بن سمرة: أنه صلى الله عليه وسلم مسح خده، قال: فوجدت ليده برداً وريحاً، كأنما أخرجها من جونة عطار.
قال بعض أهل العلم: مسها بطيب أو لم يمسسها، يصافح المصافح فيظل يومه يجد ريحها، ويضع يده على رأس الصبي فيعرف من بين الصبيان بريحها.
زكى زكاة نفس في زكات نفَس
وإن كان الناس اختلفوا في حقيقة إقامة المروءات وذهبوا فيها مذاهب شتى فمن قائل هي إكرام الناس إلى قائل هي الترفع عن الدنيئات أوقائل هي توقير أهل الفضل والغض عمن هو دون إلى قائل هي إنصاف النفس والغير وأيا ماكان المذهب فقد ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم في المروءات كل مذهب
قال انس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلُقاً.
كان حليما يعفو ويزيد عرفانا ويجزي بالسيئة صفحا وغفرانا قالت عائشة رضي الله عنهما: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم منتصراً من مظلمة ظلمها قط ما لم تكن حرمة من محارم الله. وما ضرب بيده شيئاً قط إلا أن يجاهد في سبيل الله. وما ضرب خادماً قط ولا إمرأة.
صور ذلك عمر فقال رضي الله عنه في بعض كلامه: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! لقد دعا نوح على قومه، فقال: رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا. ولو دعوت علينا مثلها لهلكنا من عند آخرنا، فلقد وطيء ظهرك، وأدمي وجهك، وكسرت رباعيتك، فأبيت أن تقول إلا خيراً، فقلت: اللهم اغفر لقومي، فإنهم لا يعلمون.
قال القاضي ابو الفضل رحمه الله: انظر ما في هذا القول من جماع الفضل، ودرجات الإحسان، وحسن الخلق، وكرم النفس، وغاية الصبر والحلم، إذ لم يقتصر صلى الله عليه وسلم على السكوت عنهم حتى عفا عنهم، ثم أشفق عليهم ورحمهم، ودعا وشفع لهم، فقال: اغفر واهد، ثم أظهر سبب الشفقة والرحمة بقوله: لقومي، ثم اعتذر عنهم بجهلهم، فقال: فإنهم لا يعلمون.
عن أنس رضي الله عنه: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم، وعليه برد غليظ الحاشية، فجبذه الأعرابي بردائه جبذة شديدة حتى أثرت حاشية البرد في صفحة عاتقه، ثم قال: يا محمد، احمل لي على بعيري هذين من مال الله الذي عندك، فإنك لا تحمل لي من مالك ومال أبيك.
فسكت النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: المال مال الله، وأنا عبده.
ثم قال: ويقاد منك يا أعرابي ما فعلت بي.
قال: لا.
قال: لم؟ قال: لأنك لا تكافئ بالسيئة السيئة.
فضحك النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أمر أن يحمل له على بعيره شعير، وعلى الآخر تمر.
و جاءه زيد بن سعنة قبل إسلامه يتقاضاه ديناً عليه، فجبذ ثوبه عن منكبه، وأخذ بمجامع ثيابه، وأغلظ له، ثم قال: إنكم، يا بني عبد المطلب، مطل، فانتهره عمر وشدد له في القول، والنبي صلى الله عليه وسلم يبتسم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا وهو كنا إلى غير هذا أحوج منك يا عمر، تأمرني بحسن القضاء، وتأمره بحسن التقاضي.
ثم قال: لقد بقي من أجله ثلاث، وأمر عمر يقضيه ماله ويزيده عشرين صاعاً لما روعه، فكان سبب إسلامه
تواضعه لله وخلقه
كان صلى الله عليه وسلم أكثر الناس تواضعا وهو أرفع الناس عند الله منزلة، تواضع في عزة ولين في قوة اكتفى من الشرف والمديح أن يقال له عبد الله ورسوله وانعم بها شرفا
عن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تُطْرُونِي كَمَا أطْرَت النَّصَارَى عِيْسَى بْنَ مَرْيَمَ، وإنَّمَا أنَا عَبْدُ، فَقُولوا عَبْدُ الله ورَسُوله
فالتكبر والكبر حقيقة فحواها الاستعلاء والترفع على الغير لوجود دواعي وصفات تبعث على ذلك نابعة من الذات وليست بنعمة منعم.
فحرمه الله على عبادة وهو من كريم صفاتة لأن الخلق كلهم منعم متفضل عليهم بأسبابه فليس لأحد منهم شيء يترفع بشيء إلا وهو فضل من الله عليه وأما هو سبحانه فهو المتكبر الغني العظيم دواعيه ذاتية في جلاله
اختص به سبحانة فأحب في عباده التواضع والتذلل وكان لهم كمالا
¥