تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أين المفر و الإله الطالب ... و المجرم المغلوب ليس الغالب

سئل أبو حازم: كيف القدوم على الله؟ قال: أما المطيع فقدوم الغائب على أهله المشتاقين إليه و أما العاصي فكقدوم الآبق على سيده الغضبان

رؤي بعض الصالحين في النوم فقيل له: ما فعل الله بك؟ قال: خيرا لم ير مثل الكريم إذا حل به مطيع الدنيا كلها شهر صيام المتقين و عيد فطرهم يوم لقاء ربهم كما قيل:

و قد صمت عن لذات دهري كلها ... و يوم لقائكم ذاك فطر صيامي

- و منها: تمني الموت على غير الوجوه المتقدمة فقد اختلف العلماء في كراهيته و استحبابه و قد رخص فيه جماعة من السلف و كرهه آخرون و حكى بعض أصحابنا عن أحمد في ذلك روايتين و لا يصح فإن أحمد إنما نص على كراهة تمني الموت لضرر الدنيا و على جواز تمنيه خشية الفتنة في الدين و ربما أدخل بعضهم في هذا الإختلاف القسم الذي قبله و في ذلك نظر و استدل من كرهه بعموم النهي عنه كما في حديث جابر الذي ذكرناه و في معناه أحاديث أخر يأتي بعضها إن شاء الله تعالى و قد علل النهي عن تمني الموت في حديث جابر بعلتين:

- إحداهما: أن هول المطلع شديد و هول المطلع: هو ما يكشف للميت عند حضور الموت من الأهوال التي عهد له بشيء منها في الدنيا من رؤية الملائكة و رؤية أعماله من خير أو شر و ما يبشر به عند ذلك من الجنة و النار هذا مع ما يلقاه من شدة الموت و كربه و غصصه و في الحديث الصحيح: [إذا حملت الجنازة و كانت صالحة قالت: قدموني قدموني و إن كانت غير ذلك قالت: يا ويلها أين تذهبون بها يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان و لو سمعها الإنسان لصعق] قال الحسن: لو أعلم ابن آدم أن له في الموت راحة و فرحا لشق عليه أن يأتيه الموت لما يعلم من فظاعته و شدته و هوله فكيف و هو لا يعلم ما له في الموت نعيم دائم أو عذب مقيم.

بكى النخعي عند احتضاره و قال: انتظر ملك الموت لا أدري يبشرني بالجنة أو النار فالمتمني للموت كأنه يستعجل حلول البلاء و إنما أمرنا بسؤال العافية و سمع ابن عمر رجلا يتمنى الموت فقال: لا تتمنى الموت فإنك ميت و لكن سل الله العافية قال إبراهيم بن أدهم: إن للموت كأسا لا يقوى عليها إلا خائف وجل مطيع لله كان يتوقعها و قال أبو العتاهية:

ألا للموت كأس أي كأس ... و أنت لكأسه لا بد حاسي

إلى كم و الممات إلى قريب ... تذكر بالممات و أنت ناسي

جزع الحسن بن علي رضي الله عنهما عند موته و قال: إني أريد أن أشرف على ما لم أشرف عليه قط.

و بكى الحسن البصري عند موته و قال: نفيسة ضعيفة و أمر مهول عظيم و إنا لله و إنا إليه راجعون.

و كان حبيب العجمي عند موته يبكي و يقول: أريد أن أسافر سفرا ما سافرته قط و أسلك طريقا ما سلكته قط و أزور سيدي و مولاي و ما رأيته قط و أشرف على أهوال ما شاهدتها قط فهذا كله من هول المطلع الذي قطع قلوب الخائفين حتى قال عمر عند موته: لو أن لي ما في الأرض لافتديت به من هول المطلع.

و من هول المطلع ما يكشف للميت عند نزوله قبره من فينة القبر فإن الموتى يفتنون بالمسألة في قبورهم مثل أو قريبا من فتنة المسيح الدجال و ما يكشف لهم في قبورهم عن منازلهم من الجنة و النار و ما يلقون من ضمة القبر و ضيقته و هوله و عذابه إن لم يعاف الله من ذلك.

رؤي بعض الصالحين في المنام بعد موته فسئل عن حاله فأنشد:

و ليس يعلم ما في القبر داخله ... إلا الإله و ساكن الأجداث

- و العلة الثانية: أن المؤمن لا يزيد عمره إلا خيرا فمن سعادته أن يطول عمره و يرزقه الله الإنابة إليه و التوبة من ذنوبه السالفة و الإجتهاد في العمل الصالح فإذا تمنى الموت فقد تمنى إقطاع عمله الصالح فلا ينبغي له ذلك و روى إبراهيم الحربي من رواية ابن لهيعة عن ابن الهاد عن ابن المطلب عن أبيه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: السعادة طول العمر في طاعة الله عز و جل] و قد روي هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه و سلم من وجوه متعددة ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: لا يتمنين أحدكم الموت أما محسنا فلعله أن يزداد خيرا و إما مسيئا فلعله أن يستعتب و في صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: لا يتمنين أحدكم الموت و لا يدع به من قبل أن يأتيه إنه إذا مات أحدكم انقطع عمله

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير