تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و إنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرا) و في مسند الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: لا يتمنين أحدكم الموت و لا يدع به من قبل أن يأتيه إلا أن يكون قد وثق بعمله فإنه إن مات أحدكم انقطع عنه عمله و إنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرا) و فيه عن أم الفضل رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم سمع العباس و هو يشتكي فتمنى الموت فقال: لا تتمنى الموت فإنك إن كنت محسنا تزداد إحسانا و إن كنت مسيئا فإن تؤخر تستعب من إساءتك خير لك) و فيه أيضا عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: جلسنا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فذكرنا و رققنا فبكى سعد بن أبي وقاص فأكثر البكاء و قال: يا ليتني مت فقال النبي صلى الله عليه و سلم: يا سعد إن كنت خلقت للجنة فما طال من عمرك و حسن من عملك فهو خير لك).

و في المعنى أحاديث أخر كثيرة و كلها تدل على النهي عن تمني الموت بكل حال و أن طول عمر المؤمن خير له فإنه يزداد فيه خيرا و هذا قد قيل إنه يدخل فيه تمنيه للشوق إلى لقاء الله و فيه نظر فإن النبي صلى الله عليه و سلم قد تمناه في تلك الحال و اختلف السالكون أيما أفضل من تمنى الموت شوقا إلى لقاء الله أو من تمنى الحياة رغبة في طاعة الله أو من فوض الأمر إلى الله و رضي باختياره له و لم يختر لنفسه شيئا و استدل طائفة من الصحابة على تفضيل الموت على الحياة بقول الله عز و جل: {و ما عند الله خير للأبرار} و لكن الأحاديث الصحيحة تدل على أن عمر المؤمن كلما طال ازداد بذلك ما له عند الله من الخير فلا ينبغي له أن يتمنى انقطاع ذلك اللهم إلا أن يخشى الفتنة على دينه فإنه إذا خشي الفتنة على دينه فقد خشي أن يفوته ما عند الله من خير و يتبدل ذلك بالشر عياذا بالله من ذلك و الموت خير من الحياة على هذه الحال قال ميمون بن مهران: لا خير في الحياة إلا لتائب أو رجل يعمل في الدرجات يعني أن التائب يمحو بالتوبة ما سلف من السيئات و العامل يجتهد في علو الدرجات و من عداهما فهو خاسر كما قال تعالى: {و العصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا و عملوا الصالحات و تواصوا بالحق و تواصوا بالصبر} فأقسم الله تعالى أن كل إنسان خاسر إلا من اتصف بهذه الأوصاف الأربعة: الإيمان و العمل الصالح و التواصي بالحق و التواصي بالصبر على الحق فهذه السورة ميزان للأعمال يزين المؤمن بها نفسه فيبين له بها ربحه من خسرانه و لهذا قال الشافعي رضي الله عنه: لو فكر الناس كلهم فيها لكفتهم.

رأى بعض المتقدمين النبي صلى الله عليه و سلم في منامه فقال له أوصني؟ فقال له: من استوى يوماه فهو مغبون و كان يومه شرا من أمسه فهو ملعون و من لم يتفقد الزيادة في عمله فهو في نقصان و من كان في نقصان فالموت خير له قال بعضهم: كان الصديقون يستحيون من الله أن يكونوا اليوم على مثل حالهم بالأمس يشير إلى أنهم كانوا لا يرضون كل يوم إلا بالزيادة من عمل الخير و يستحيون من فقد ذلك و يعدونه خسرانا كما قيل:

أليس من الخسران أن لياليا ... تمر بلا نفع و تحسب من عمري

فالمؤمن القائم بشروط الإيمان لا يزداد بطول عمره إلا خيرا و من كان كذلك فالحياة خير له من الموت و في دعاء النبي صلى الله عليه و سلم: اللهم اجعل الحياة زيادة لي في كل خير و الموت راحة لي من كل شر) خرجه مسلم و في الترمذي [عنه صلى الله عليه و سلم أنه سئل: أي الناس خير؟ قال: من طال عمره و حسن عمله قيل: فأي الناس شر؟ قال: من طال عمره و ساء عمله) و في المسند و غيره: أن نفرا ثلاثة قدموا النبي صلى الله عليه و سلم فأسلموا فكانوا عند طلحة فبعث النبي صلى الله عليه و سلم بعثا فخرج فيهم أحدهم فاستشهد ثم بعث بعثا آخر فخرج منهم فاستشهد ثم مات الثالث على فراشه قال طلحة: فرأيتهم في الجنة فرأيت الميت على فراشه أمامهم و رأيت الذي استشهد آخرا يليه ورأيت الذي استشهد أولهم آخرهم فأتيت النبي صلى الله عليه و سلم فذكرت ذلك له فقال: و ما أنكرت من ذلك ليس أفضل عند الله عز و جل من مؤمن يعمر في الإسلام لتسبيحه و تكبيره و تهليله) و في رواية قال أليس قد مكث هذا بعده سنة؟ قالوا: بلى قال: و أدرك رمضان فصامه؟ قالوا: بلى قال: و صلى كذا و كذا سجدة في السنة؟ قالوا: بلى قال: فلما

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير