تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قليلة، ثم تكثر شيئا فشيئا، وهذه الكتب تنوعت بتنوع العلوم والفنون، فأوّل ما دوِّن من الكتب، الحديث، هو أول ما دون بعد القرآن العظيم، دونت السنة، على اختلاف أنواع التدوين ما بين صحائف محدودة، إلى أشياء كثيرة، ثم تلاها تدوين التفسير عن ابن عباس رضي الله عنه كما هو معلوم في الصحيفة الصادقة التي رواها علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما، والتي قال فيها الإمام أحمد رحمه الله إنّ بمصر صحيفة في التفسير، يرويها علي بن أبي طلحة، لو رحَلَ رجل لها ما كان كثيرًا، وهذه الصحيفة صادقة صحيحة عن ابن عباس وإنْ لم يلق عليُّ بنُ أبي طلحةَ ابنَ عباس، كما هو معلوم، فهي مروية بالوجادة عن مجاهد عن ابن عباس، كما حرّره الحافظ ابن حجر أول التفسير من كتاب فتح الباري.

جاءت مصنفات في التوحيد -في العقيدة- لما ظهر أهل الفرق، لما ظهرت الفرق المختلفة من خوارج ومرجئة، جاءت الرسائل ومختصرات التصنيف إمّا في كتب أهل الحديث، وإما مفردة شيئا فشيئا، ثم توالى الزمان، حتى صار لك فنٍّ كتب كثيرة، وإذا أردنا أنْ نضبط المنهجية في قراءة كتب أهل العلم، فإننا نقسِمُ ذلك إلى قسمين:

الأول: منهجية عامة تصلح للضبط في قراءة أي نوع من كتب أهل العلم، سواءٌ أكان في العقيدة أمْ كان التفسير أم الحديث أم الفقه إلى آخر الفنون الأصلية، والمساعدة، فالعلوم الأساسية والعلوم الصناعية كلها ثمَّ ضوابط عامة يمكن أنْ تسير عليها في منهج واضح تضبط به العلم المنتشر في تلك الكتب، وثمَّ ضوابط خاصة بكل علم، التفسير له قواعدُ تحصل علمه، وله قواعد ضبط التفسير من حيث هو، الحديث كذلك، العقيدة كذلك، إلى آخر الفنون ...

القسم الأول: الضوابط التي تصلح لجميع كتب أهل العلم نقدم لها بمقدمة، وهي أنّ العلم الشرعي ينقسم إلى قسمين، علم مقصود لذاته، وعلم مقصود لغيره، أما العلم المقصود لذاته فهو علم الكتاب والسنة، فقه كلام الله جلّ وعلا، وفقه حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هذان العلمان هما المقصودان بالأصالة، وبهما يُمدَحُ أهل العلم، {يرفع الله الذين ءامنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات}، يعني الذين فقهوا عن الله جل وعلا مراده وعن الرسول صلّى الله عليه وسلّم مراده، علم الكتاب وعلم السنة فيه التوحيد، وفيه الحلال والحرامُ، فرجعَ الأمرُ إذًا إلى علمين، ألاَ وهما علم العقيدة، والتوحيد، وعلم الحلال والحرام، الذي هو الفقه، هذا العلمان التوحيد والفقه، مقصودان لذاتهما؛ لأنّه بالتوحيد يتحقق الإخلاص، وعبادة الله جلّ وعلا وحده دون ما سواه، والإيمان بأركان الإيمان حقّ الإيمان، وبالفقه يكون الامتثال في الأمر والنهي، لأنّ الله جل وعلا، جعل دينه أخبارا وأوامر ونواهي، فالتصديق بالأخبار، هو الاعتقاد، وامتثال الأوامر والنواهي، هو امتثال العمليات، كما قال جلّ وعلا: {وتمت كلة ربك صدقًا وعدلا}، صدقًا في الأخبار وعدلاً في الأمر والنهي، فإذًا العلمان المقصودان لذاتها في طلب العلم هما التوحيد والفقه، والمقصود لغيره من الفنون ما كان من العلوم الصناعية المختلفة، علوم العربية بعامة ليست مقصودة لذاتها، علم النحو علم الصرف، وعلم المعاني والبيان، والبديع، وعلوم البلاغة المختلفة، وعلوم الاشتقاق وهي ضمن الصرف، ومفردات اللغة، وأشباه ذلك، وكذلك أصول الفقه، أصول الحديث، السيرة، هذه كلّها مقصودة لغيرها، ليس طلبها مقصودًا لذاته، يعني أنّ طالب العلم إذا قرأ هذه الفنون فإنما يقرأها للتوصل إلى العلمين المقصودين، ألا وهما علم التوحيد وعلم الفقه، فقه الكتاب والسنة، فإذا رامَ أنْ يجعل الوسيلة غاية، فإنه لا يكون فاقهًا الكتاب والسنة، وإنّما يكون قام ربما بفرضٍ كفائي في تعلم وسيلة مساعدة لفقه الكتاب والسنة، هذا النوع بعامة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير