تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن هنا يبدو لنا ان بداية (الشعر الحر) لم تكن في العراق وعلى يدي السياب او نازك الملائكة او غيرهما،كما تقول نازك الملائكة ((كانت بداية حركة الشعر الحر سنة 1947في العراق. ومن العراق بل من بغداد نفسها زحفت هذه الحركة وامتدت حتى غمرت الوطن العربي كله او كادت (6) وغلب الظن ان نازك والسياب والشعراء الاخرين قد قرأوا تلك القصائد وتأثروا او في الاقل كانت تلك النماذج وقفة تأمل وتفكير لهؤلاء المبدعين فضلاً عما كانوا قد اطلعوا عليه من الشعر الغربي في لغته الأصيلة او المترجم،وبما ان شعراءنا قد اتسموا بالرتابة والنمطية في القصيدة العربية وما كانوا يحسون به انه عارمة على القديم لذلك اتجهوا الى هذا اللون الجديد من الشعر.

واذا اردنا الخوض في مسالة الريادة في الشعر الحر في العراق فلا بد ان نتتبع او تجربة في هذا اللون الجديد من الشعر اذ تقول نازك الملائكة ان قصيدتها المعنونة (الكوليرا) وعي من (المتدارك) كانت هي البداية:

طلع الفجر

اصغ الى وقع خطى الماشين

في صمت الفجر،اضغ،انظر ركب الباكين

عشرات اموات،عشرونا

لاتحصى،اصغ للباكين

اسمع صوت الطفل المسكين

موتى،موتى، ضاع العدد.

موتي موتي، لم يبق غد

في كل مكان جسد يندبه محزون

لا لحظة اخلاد لا صمت.

هذا ما فعلت كف الموت

الموت الموت الموت.

تشكو البشرية تشكو ما يرتكب الموت (7)

وقد نشرت هذه القصيدة في بيروت،ووصلت نسخها الى بغداد في اول كانون الاول 1947وفي النصف الثاني من الشهر نفسه في بغداد ديوان بدر شاكر السياب (ازهار ذابلة) وفيه قصيدة حرة الوزن عنوانها (هل كان حباً) (8) وقد علق عليها في الحاشية بانها من الشعر المختلف الاوزان والقوافي من بحر (الرمل)

هل يكون الحب اني

بت عبداً للتمنى

ام هو الحب اطراح الامنيات

والتقاء الثغر بالثغر ونسيان الحياة

واختفاء العين في العين انتشاء

كانثيال عاد يغني في هدير

او كظل في غدير (9)

ثم تقول نازك الملائكة عن هذه الريادة ((ان ظهور هاتين القصيدتين لم يلفت نظر الجمهور ومضت سنتان صامتتان لم تنشر خلالهما الصحف شعراً حراً على الاطلاق (10) وفي عام 1949 صدر ديوانها (شظايا ورماد) وقد ضمنته مجموعة من القصائد الحرة وقد اثيرت حوله مناقشات حامية في الاوساط الادبية في بغداد وقد تنبا الكثيرون بفشل هذه الدعوة لكن تلك الدعوة بدات تنمو وتتسع بعد ذلك وفي اذار 1950 ظهر ديوان عبد الوهاب البياتي (ملائكة وشياطين) وفيه القصائد حرة الوزن تلا ذلك ديوان (المساء الاخير) لشاذل طاقة 1950 ثم صدر ديوان (اساطير) لبدر شاكر السياب في ايلول 1950واخذت الدواوين بالظهور وراحت دعوة الشعر الحر تتخذ مظهراً اقوى حتى راح بعض الشعراء يهجرون اسلوب الشطرين هجراً قاطعاًَ ليستعملوا الاسلوب الجديد (11)

وفي تلك الاثناء كان الحروق قد نشر في جريدة (صوت الكرخ) العدد 48في تشرين الثاني 1949 قصيدة (ظلام) وهي اول قصيدة حرة تكتب في مدينة الموصل في عام 1948 وتحديداً قصيدة (الساعة الحمقاء) (12) مؤرخة في 1950 الا ان بعد الشاعر عن صحافة العاصمة جعله بعيداً عن مسالة الريادة التي كان له الدور الاول بل البارز فيها يقول شاعرنا في قصيدة (ظلام)

مضينا ..... وفي قلبنا

تهاويل جياشة بالفناء

وكنا وكان الزمان لنا

ملاحم تنشدها بالهناء

وترشف من نخبها

رحيق الهوى والحياة

وفي قلبها

سكبنا الدموع

شابيب تدنوينا للفناء

فتندب احلامنا

ونمضي ..... وما من رجوع

****

غفونا على نغمة واحدة

وعين الدجى هاجدة

وبتنا عبيد الهوى الظالم

على شاطئ الذكريات

اسارى شباب

تمرد فوق التراب

وعربد بالامنيات

وفي سكرة الحالم

تنفس ليل العذاب

وزمجرت الهاوية

وماتت اناشيدنا الباكية

وعم الظلام ..... فاين الشموع؟

****

حنانيك ياجتتي

لمن هذ ه الاغنيات؟

هناك على الضفة الحالمة

تداعبها النيرات

وترقص من حولها باسمة

وترقصت انت

لمن ادمعي الاهبة؟

وشرق ظغى كالغمام؟!

لقد لفني ثوب هذا الظلام

فاين المنى الغاربة؟

واين حنيني وقيثارتي؟

سامضي ..... سامضي وما من رجوع (13)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير