والبعير. وترجعوا برسول الله إلى رحالكم؟ فوالله لما تنقلبون به خيرا مما ينقلبون به والذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت إمرءا من الأنصار ولو سلك الناس شعبا وسلك الأنصار شعباً , لسلكت شعب الأنصار ستلقون .. أثرة من بعدي فاصبروا حتى تلقوني على الحوض , اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار) فبكى القوم حتى أخضلت لحاهم , وقالوا
(رضينا بالله ورسوله قسماً وحظاً ونصيباً).
فوائد تربوية:
1 - أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجتمع الأنصار في مكان واحد و لم يدع معهم أحدا ... فهذا الأسلوب من الأساليب التربوية الناجحة لمعالجة الخطأ , حيث يكون هناك مجال واسع لفتح الحوار والمناقشة بدون وجود أطراف أخرى قد تتسبب في تأزم الموقف.
2 - قيام الرسول صلى الله عليه وسلم بحمد الله والثناء عليه في بداية خطبته يعتبر ذلك مدخلاً لتهدئة النفوس وتهيئة الجو الإيماني فتكون القلوب بعد ذلك ساكنة و هادئة لتلقي ما يقوله عليه السلام.
3 - استخدام الرسول صلى الله عليه وسلم أسلوب استرجاع الذاكرة , و تذكر الفضائل قبل الحكم على الموقف الحالي
و الموازنة بين الأمرين فذكر فضله عليهم (ألم آتكم ضلالا فهداكم الله ربي , و كنتم متفرقين فألفكم الله ربي , و كنتم عالة فأغناكم الله بي) حينئذ تذكروا فضله عليهم فهتفوا قائلين (بلى , لله ولرسوله المن والفضل) ومن ذلك يجب أن يستفيد الآباء والمربون في وقتنا الحاضر من هذا الجانب وهو عدم اتخاذ موقف شديد القسوة تجاه الفرد بمجرد خطأ بسيط في نظرنا دون أن ننظر إلى الإيجابيات العظيمة , بل علينا الموازنة والترجيح.
4 - عندما سأل عليه الصلاة و السلام (ألا تجيبون يا معشر الأنصار)؟ هذا السؤال يدل على أنه أراد أن يعطيهم الفرصة لإبداء رأيهم حتى يستفرغ ما في نفوسهم , وهذا هو أسمى وأرقى معاني حرية التعبير عن النفس دون وجود الضغوط الكابحة.
فمن منا تعالج القضايا بهذا المستوى التربوي الرفيع؟
5 - قول الأنصار بماذا نجيبك يا رسول الله , لله ولرسوله الفضل والمنّة , يدل دلالة واضحة على استمرارية الالتزام الخلقي والأدب الرفيع مع الرسول ?صلى الله عليه وسلم وهم في أحرج موقف وهذه ومضة تربوية تكون وساماً لرسول الله الذي ربى تلك النفوس التي استطاعت أن تثمر نتائج إيجابية رفيعة المستوى في أشد المواقف.
6 - استخدم الرسول صلى الله عليه وسلم أسلوب المحاماة , وهذا ما ينادون به في القوانين الوضعية المعاصرة فلقد نصب نفسه محامياً عن الأنصار فتكلم عنهم بلسانه عن حقائق ... تلك الحقائق تظهر فضلهم عليه فقال عليه الصلاة و السلام (أما ولله لو شئتم لقلتم فلصدقتم و لصدقتم آتيتنا مكذباً فصدقناك
ومخذولاً فنصرناك وطريداً فآويناك , وعائلاً فآسيناك)
أختي الحبيبة:إنها كلمات صادقة محكمة نطق بها أسمى محام عرفته البشرية , أرأيت محامياً يترافع ضد نفسه!! إنها النبوة وعندما قال ذلك أكد ما في نفوسهم بلسانه عليه الصلاة والسلام وهذا هو السمو التربوي الذي يجب أن يقتبس منه المربون والآباء فيذكرون فضائل أبنائهم أوالمتعلمين فيكون ذلك أدعى لتقبلهم التوجيه والإرشاد من آبائهم أو معلميهم.
7 - من الضرورة التربوية تفسير وتوضيح سبب إعطائه عليه الصلاة والسلام لأهل مكة , فقد فسر عليه الصلاة و السلام سبب إعطائه لهم وذلك عندما قال (أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم من أجل لعاعة من الدنيا تألفت بها قوماً ليسلموا) فإذاً السبب ليس القرابة إنما كان ذلك من صلب الدعوة
وهو الرغبة في إسلامهم , فالهدف من العطاء الوصول لغاية سامية وهي الإسلام وهل هناك أفضل من هذا الهدف؟ وبذلك استطاع الرسول عليه الصلاة و السلام أن يزيل الغشاوة عن النفوس التي حاول الشيطان أن يستثمرها. وكذلك المربي يجب عليه أن يوضح ويفسر كل عمل يعتقد أنه غامض على من حوله , وذلك حتى لا يجعل للشيطان مدخلاً يدخل منه فيعظمه في نفوس المتعلمين.
8 - قول الرسول صلى الله عليه وسلم للأنصار (ووكلتكم إلى إسلامكم) يدل دلالة واضحة أنه عليه الصلاة والسلام كان معتقداً اعتقاداً جازماً باستقرار الإيمان في نفوسهم رضي الله عنهم , ووكلهم إلى الإسلام ولم يقل ذلك إلا نتيجة تربيته لهم , والعلاقة الوطيدة بينه وبينهم فعرف ما في نفوسهم من محبتهم لدين الله
¥