تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا يبلغ خمسن دينارا. وأنفق أولاده التركة في أسرع زمان.

مصادر الكتاب والمقتبسون

أتيحت للصابي في تأليف كتابه أمور جعلته ثقة فيما يروي، وأول ذلك صفته الرسمية في الدولة التي أظفرته بالوثائق الرسمية. ففي صفحة 15 يقول: " ووجدت عملا يشتمل علىذكر أحمد بن محمد لطائي وما ضمنه من الأعمال .. " وفي ص 166 يقول: " ووجدت ثبتاً بما كان أبو الحسن بن الفرات يخاطب به السيدة والأمراء وأولاد الخلفاء والولاة والكبراء ... " وفي ص 245 يقول: " وقع بيدي ثبت أخرج من ديوان المغرب في أيام الراضي بما أخذخ المحسن بن علي بن محمد بن الفرات من الخطوط ممن قبض عليه وصادره في ايام وزارتهم الثالثة ... " ولا غرابة في أن يتمكن من الاطلاع على الوثائق السمية، فقد اشترك في أرقى المناصب وعمره لم يتجاوز العشرين، ويدل على ذلك ما يقوله في ص 170: " وعهدي وأنا أوقع في قصص المتظلمين في أيام صمصام الدولة عن أبي إسحاق جدي في ديوان الإنشاء الى قضاة الحضرة ... " ومعلوم ان جده توفى سنة 384 وأن هلالا المؤلف ولد سنة 359 وصمصام الدولة تولى الملك سنة 372 وقتل سنة 388 هـ.

والأمر الثاني الذي وثقه اطلاعه على تاريخ ثابت بن سنان خال جده وقد أرخ ثابت من أواخر القرن الثالث الهجري الى سنة 360 هـ، وهي فترة عاصرها، أو لقى معاصيرها.

والأمر الثالث ما رواه او نقله عن القاضي التنوخي أبي علي المحسن مؤلف نشوار المحاضرة، والفرج بعد لشدة، والمستجاد من فعلات الاجواد. والتنوخي ولد سنة 327 وتوفى سنة 384 هـ والاخبار التي رواها شافه أغلب معاصريها.

يضاف الى هذا أنه اطلع على كاب الوزراء والكتاب للجهشياري، وكتاب الوزراء للصولي، ومع هذا لم يعجبه الصولي في تأليفه حيث يقول عنه: لكنه ملأه بالحشو الزائد، وكسفه بشعره البارد. وعلى الرغم من تسخيفه للصولي نقل عنه خبرين. وإلى جانب هذا تلقى عن طريق الرواية والسند أخبارا من أناس اتصلوا بالدوايين، وخالطوا الحاكمين، وتجد ذلك منبثا في أغلب الكتاب.

أما الناقلون عن كتاب الوزراء للصابي فأهمهم ياقوت الحمي صاحب معجم الأدباء ومعجم البلدان وأغلب نصوصه من الأقسام الضائعة من الكتاب، وقد اشار آمد روز الى ان الصفدي نقل عنه في كتابه الوافي والوفيات، كما نبه ميخائيل عواد الى نصوص منقولة، وفي خطط المقريزي، وصبح الأعشى، وبدائع البدائه، والنجوم الزاهرة، والاذكياء لابن الجوزي. ونبه الدكتور مصطفى جواد الى نصوص منقولة، توجد في معجم الالقاب وتاريخ ابن النجار.

ومن بديع اقواله:

" ان الله تعالى خلق الحيوانات كلها على اختلاف الفِطَر والأوضاع، وتبايُن الصوَّر والأنواع، خلقا ً واحدا في الاشخاص والأشباح، والأفئدة والأرواح، ثم خص الانسان من بينها بالعقل الذي ارشده الى معرفته، وما أراده له من عبادته، وأوجب له من الطاعة وشكر المنة مزيدا حاضرا، وثوابا منتظرا، وأوجب عليه عن المخالفة وكفر النعمة انتقاما عاجلا، وعذابا آجلا: ? ليهلك من هلك عن بينة ٍ ويحيي من حىَّ عن بينة ٍ وإنَّ الله لسميع عليم ?. وجعل عطاء الإفضال أكثر، وعطاء العقل أقل، لأن مادة الإفضال غزيرة، ومادة العقل عزيزة.

وقد اختُلف في كيفية العقل، فقال قوم: نور من الله مقتبس، وقال آخرون: خلقٌ مُستخلص، واستشهدوا بالحديث الذي ترويه العامة من ان الله تعالى قال للعقل وقد خلقه: أقبِلْ. فأَقبَلَ. وأدبرْ، فأدبرَ. فما فعل ذاك قال: وعزتي وجلالي وعظمتي ما خلقت خلقا أحسن منك، بك آخذ وبك أعطي. وقال اهل الكلام: هو معارف يجمعها الله تعالى في قلب عبده إذا أخذه بالتكليف يُحِسِّن له بها الحسن ويقبّح القبيح. وإنما سمي عقلا لأنه يَعقِلُ عن القبيح، أي يحبس كعقال الناقة الذي يمنعها أن تسرح. وليس تكليف العقلاء كتكيلف الجهلاء، ولا آلة الفريقين في الأفعال متوازية، ولا مؤاخذتهما بالأعمال متساوية، ولذلك قال الله تعالى: ? إنما يخشى الله من عباده العلماء ?، ولو أُوخذ الجاهلون ما يؤاخذ العالمون لان ذلك جورا ً في القضاء، وحيفا ً في الجزاء، لأن الله تعالى كلف كل نفس بحسب قوتها، وأخذها بما جعله في قُدرتها. ولو أن أحدا ً غلط غلطا جاهلا بحكمه، وأخطأ خطأ خارجا عن علمه، لما تعَّين عليه حكمٌ، ولا تعلق به حدّ. وعلى ذاك، فمتى كان علم الانسان أكثر من عقله كان حتفه في علمه، أو عقله أكثر من علمه أمكنه به جبر عجزه واتمام نقصه؛ وما دبَّر العقل شيئا إلا أقام أوَدَه وعدل ميده (1)، ولا دخل الجهل أمرا إلا حل نظامه وأحال التئامه.

فقد ثبت أن الفضل فرعٌ أصله العقل. ثم تدعو الحاجة مع وجود هذا الاصل الى بان يُعلي اساسه، ويسقي غراسه، من أدب يقتبس، وعلم يكتسب، ورياضة تُصلح، وتوفيق يَلحق، فاذا التقى من ذينك فرع وأصل، واقترن أدب وعقل، اجتمع بهما قَُوى العقل، ولمع بيينهما نور الحزم، وأمكن رافع البناء أن يرتقي ذروته، وغارس الغرس ان يجني ثمرته ... "

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير