تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ثانياً: إن كان المراد من هذا الوجه أن النبي (ص) قد جوز تبديل كلمات القرآن الموجودة بكلمات أخرى تقاربها في المعنى، ويشهد لهذا بعض الروايات المتقدمة، فهذا الاحتمال يوجب هدم أساس القرآن، المعجزة الأبدية، والحجة على جميع البشر ... وقد قال الله تعالى: قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي. وإذا لم يكن للنبي أن يبدل القرآن من تلقاء نفسه، فكيف يجوز ذلك لغيره؟ وإن رسول الله (ص) علم البراء بن عازب دعاء كان فيه ونبيك الذي أرسلت فقرأ براء: ورسولك الذي أرسلت، فأمره (ص) أن لا يضع الرسول موضع النبي. فإذا كان هذا في الدعاء، فماذا يكون الشأن في القرآن؟ ...

ثالثاً: أنه صرحت الروايات المتقدمة بأن الحكمة في نزول القرآن على سبعة أحرف هي التوسعة على الأمة، لأنهم لا يستطيعون القراءة على حرف واحد، وأن هذا هو الذي دعا النبي الى الإستزادة الى سبعة أحرف. وقد رأينا أن اختلاف القراءات أوجب أن يكفر بعض المسلمين بعضاً حتى حصر عثمان القراءة بحرف واحد وأمر بإحراق بقية المصاحف. ويستنتج من ذلك ... أن الاختلاف في القراءة كان نقمةً على الأمة وقد ظهر ذلك في عصر عثمان، فكيف يصح أن يطلب النبي (ص) من الله ما فيه فساد الأمة. وكيف يصح على الله أن يجيبه الى ذلك؟ وقد ورد في كثير من الروايات النهي عن الإختلاف، وأن فيه هلاك الأمة، وفي بعضها أن النبي (ص) تغير وجهه واحمر حين ذكر له الاختلاف في القراءة ...

وحاصل ما قدمناه: أن نزول القرآن على سبعة أحرف لا يرجع الى معنى صحيح، فلا بد من طرح الروايات الدالة عليه، ولا سيما بعد أن دلت أحاديث الصادقين (ع) على تكذيبها وأن القرآن إنما نزل على حرف واحد، وأن الاختلاف قد جاء من قبل الرواة) انتهى.

وقال في ص 160 عن القراءات السبع ( ... والأولى أن نذكر كلام الجزائري في هذا الموضع. قال: لم تكن القراءات السبع متميزة عن غيرها حتى قام الإمام أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد ـ وكان على رأس الثلاثمائة ببغداد ـ فجمع قراءات سبعة من مشهوري أئمة الحرمين و العراقين والشام، وهم: نافع، وعبد الله ابن كثير، وأبو عمرو بن العلاء، وعبدالله بن عامر، وعاصم وحمزة، وعلي الكسائي. وقد توهم بعض الناس أن القراءات السبعة هي الأحرف السبعة، وليس الأمر كذلك ... وقد لام كثير من العلماء ابن مجاهد على اختياره عدد السبعة، لما فيه من الايهام ... قال أحمد ابن عمار المهدوي: لقد فعل مسبِّع هذه السبعة ما لا ينبغي له، وأشكل الأمر على العامة بإيهامه كل من قل نظره أن هذه القراءات هي المذكورة في الخبر، وليته إذ اقتصر نقص عن السبعة أو زاد ليزيل الشبهة ... قال أبو شامة: ظن قوم أن القراءات السبع الموجودة الآن هي التي أريدت في الحديث، وهوخلاف إجماع أهل العلم قاطبة، و إنما يظن ذلك بعض أهل الجهل ... ) انتهى.

وقال في ص 167 (ذهب الجمهور من علماء الفريقين الى جواز القراءة بكل واحدة من القراءات السبع في الصلاة، بل ادعي على ذلك الإجماع في كلمات غير واحد منهم وجوز بعضهم القراءة بكل واحدة من العشر، وقال بعضهم بجواز القراءة بكل قراءة وافقت العربية ولو بوجه، ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالاً وصح سندها، ولم يحصرها في عدد معين. والحق أن الذي تقتضيه القاعدة الأولية، هو عدم جواز القراءة في الصلاة بكل قراءة لم تثبت القراءة بها من النبي الأكرم (ص) أو من أحد أوصيائه المعصومين (ع)، لأن الواجب في الصلاة هو قراءة القرآن فلا يكفي قراءة شئ لم يحرز كونه قرآناً، وقد استقل العقل بوجوب إحراز الفراغ اليقيني بعد العلم باشتغال الذمة ... وأما بالنظر الى ماثبت قطعياً من تقرير المعصومين (ع) شيعتهم على القراءة، بأية واحدة من القراءات المعروفة في زمانهم، فلا شك في كفاية كل واحدة منها، فقد كانت هذه القراءات معروفة في زمانهم، ولم يرد عنهم أنهم ردعوا عن بعضها، ولو ثبت الردع لوصل إلينا بالتواتر، ولا أقل من نقله بالآحاد، بل ورد عنهم (ع) إمضاء هذه القراءات بقولهم: إقرؤوا كما يقرأ الناس. إقرؤا كما علمتم. وعلى ذلك فلا معنى لتخصيص الجواز بالقراءات السبع أو العشر، نعم يعتبر في الجواز أن لا تكون القراءة شاذة ... وصفوة القول: أنه تجوز القراءة في الصلاة بكل قراءة كانت متعارفة في زمان أهل البيت (ع)) انتهى.

ونلفت هنا الى نكتة نحوية في الرواية عن الإمام الصادق (ع) (كذبوا أعداء الله) فقد ورد في كثير من الأحاديث والنصوص الفصيحة الجمع بين فاعلين مضمر وظاهر، مما يجعلنا نطمئن الى أنه أسلوب عربي في التأكيد على الفاعل لغرض من الأغراض. وكذلك تمييز أحد المعطوفات بإعراب آخر لتأكيده كما ورد في القرآن، وأن هذه القواعد قد فات النحاة استقراؤها من لغة العرب، كما فاتهم إضافة (بقي) الى أخوات كان مع أنه لا فرق بينها وبينها

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير