تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

مصدر علم العَدَد ومناقشة الأقوال

ـ[بشير الحميري]ــــــــ[22 Nov 2010, 09:40 م]ـ

http://tafsir.net/vb/mwaextraedit4/extra/01.png

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين،

فأحببت أن أطرح هنا أحد الموضوعات المهمة، والتي كان المؤلفون يعرجون عليها بكلام خفيف، وهذا الكلام هو مبحث من تحقيقي لكتاب (حسن المدد) الذي قدم إلى مجمع الملك فهد، يسر الله إخراجه.

ولما رأيت أن الانتظار ربما يطول أكثر من ذلك، فإني أهدي لأخواني في ملتقى أهل التفسير هذا المبحث، والذي أسأل الله سبحانه أن يكون مفيدا لقارئه.

...

لم يتعرض لهذا الموضوع باستقلال إلا الشيخ: عبدالرازق علي إبراهيم موسى، وقد جعلهما اتجاهين فقط، وقد ناقش هذا الأمر باختصار في كتابه (مرشد الخلان إلى معرفة عد آي القرآن) [1]، وقبله المخللاتي في (القول الوجيز) [2]، وأما الإمام الداني فقد ذكر فيه أنه توقيفي فقط.

...

والخلاف فيه على ثلاثة مذاهب:

المذهب الأول: القائلون بالتوقيف.

المذهب الثاني: القائلون بالاجتهاد.

المذهب الثالث: من جعله من النوعين.

...

المذهب الأول: القائلون بالتوقيف:

رأس هذا المذهب هو الإمام أبو عمرو الداني، وهو يتميز عن كثير ممن كتب في علوم القرآن عموما، وفي علم عدِّ الآي خصوصا بأنه لا يكاد يذكر رأيا إلا وأتبعه بما يؤيده من أحاديث أو آثار أو أخبار، وعليه فإن كلامه ورأيه الذي يختاره ويؤيده يكون له وزنه من حيث القبول والتأييد، كيف لا وهو من أوائل من تكلم عن هذا الأمر وجزم بالتوقيف فيه، وأنا أنقل جملة من كلامه لأهميته وقيمته.

يقول رح1 بعد ذكره أحاديث وآثار فيها دلالة على آيات ذات عدد معين: "ففي هذه السنن والآثار التي اجتلبناها في هذه الأبواب مع كثرتها واشتهارها؛ دليل واضح وشاهد قاطع على أن ما بين أيدينا مما نقله إلينا علماؤنا عن سلفنا من عدد الآي ورؤوس الفواصل والخموس [3] والعشور [4] وعدد جمل السور، على اختلاف ذلك واتفاقه - مسموع من رسول الله صل1، وأن الصحابة رضوان الله عليهم هم الذين تلقوا ذلك منه كذلك، تَلَقِّيًا كتلقيهم منه حروف القرآن واختلاف القراءات سواء، ثم أدَّاهُ التابعون -رحمة الله عليهم- على نحو ذلك إلى الخالفين أداءً، فنقله عنهم أهل الأمصار، وأَدَّوْه إلى الأمة، وسلكوا في نقله وأدائه الطريق التي سلكوها في نقل الحروف وأدائها، من التمسك بالتعليم بالسماع دون الاستنباط والاختراع ... وقد زعم بعض من أهمل التفتيش عن الأصول، وأغفل إنعام النظر في السنن والآثار، أن ذلك كله معلوم من جهة الاستنباط، ومأخوذ أكثره من المصاحف دون التوقيف والتعليم من رسول الله صل1، وبطلان ما زعمه وفساد ما قاله غير مشكوك فيه عند من له أدنى فهم وأقل تمييز، إذ كان المُبيِّنُ عن الله - عز وجل - قد أفصح بالتوقيف بقوله - عليه السلام -: من قرأ آية كذا وكذا، ومن قرأ الآيتين ... ألا ترى أنه غير ممكن ولا جائز أن يقول ذلك لأصحابه الذين شهدوه وسمعوا ذلك منه إلا وقد علموا للمقدار الذي أراده وقصده، وأشار إليه، وعرفوا ابتداءه وأقصاه ومنتهاه ... " [5].

وسياق الإمام الداني يدل على أنه يردُّ على قول قائل وصله وبلغه، ولعله يَردُّ على رأي القاضي أبي بكر الباقلاني [6]، حيث أنكر أن يكون علم العدد نقل عن رسول الله صل1، وذلك في كتابه (الانتصار للقرآن) [7]، فالباقلاني ناقش كثيرا من القضايا التي تتعلق بعلوم القرآن ورجح الاجتهاد فيها، ولذلك نلحظ كلام الإمام الداني، وكأنه يعنيه هو بالذات.

وفي موضع أخر يوضح الداني بعد ذكره الرجال الذين نسبت إليهم الأعداد، فأخبر أنها وإن كانت موقوفة عليهم، فهي متصلة بمن فوقهم وإن لم نعلمها من طريق الرواية، فإنهم لا شك أخذوها عن الصحابة، أو ممن أخذ عن الصحابة؛ لأنهم "لم يكونوا أهل رأي واختراع، بل كانوا أهل تمسك واتباع" [8].

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير